المشروع الثقافي القومي النهضوي المتجذّر في سورية تتمّ ترجمته ومبادئ تحديثه من خلال التفاعل الخلّاق مع الواقع والمشاركة في صنع الحياة الأفضل، وماشهدته سورية خلال السنوات الماضية من مقاومة وحرب ضدّ الإرهاب يثبت ويؤكّد أنّ نظرية سورية في الثقافة الوطنية الراقية بخصائصها ومكوناتها أحدثت تحوّلات كبرى نتلمّس نتائج نجاحها على المستوى القريب والبعيد…
الرسالة التي وجّهها السيّد الرئيس بشار الأسد إلى وفد المؤتمر القومي الإسلامي عن أهمية التجديد في اللغة التي يتمّ تقديم فكرة القومية بها للأجيال الشابة وأنها مسؤولية النخب الفكرية العربية هي مسألة ثقافة وطنية وتحديات سياسية وفكرية لعلّ الحراك الشعبي فيها يخلق نمطاً جديداً من أنماط تلك الثقافة، والتجربة خير برهان على أهمية هذا الحراك الذي بدأ ولم ينتهِ بعد في سورية بمحاربة الإرهاب ومواجهة الفكر التكفيري الإلغائي، ومقاومة الاحتلال بكلّ أشكاله لأنها معركة وجود، بمعنى أنّ النموذج السوري نموذج يُحتذى به، حيث أنه يربط بين الأفكار المبدئية والعقائدية وبين مصالح الشّعب في تقرير مصيره وحريته وسيادته، يُضاف إلى ذلك المواقف القومية ودعم المقاومة الذي تقوم به سورية والذي دفعت أثمانه دهراً، هذه ثقافة وطنية نِتاج تجربة اجتماعية وتاريخية ونضالية وثقافية أصيلة…
الثقافة الوطنية المُراد تفعيل أدواتها من النخب الثقافية والفكرية تتمثّل في إيجاد وسائل مُثلى لإخراج أبناء الأمة العربية من عزلتهم إلى فضاء التفاعل الإنساني والتحرّر (بغضّ النظر عن الحكومات الخانعة أو حتى الخائنة) ولعلّ الحراك الشعبي الفلسطيني نمط من أنماط حالة الوعي القومي المتمثّل بأبسط الحقوق والواجبات والاندفاع نحو الدفاع عن الذات والوجود وقيم المجتمع الوطنّي الموحّد بعيداً عن كلّ تقسيم أو انعزال أو طائفية…
رؤية – هناء الدويري