الثورة أون لاين – فؤاد مسعد:
هي حكايات معجونة بماء الروح ومُعمّدة بالدم، تختزل العديد من قصص البطولة والمآثر الحقيقية بمصداقية عالية لأنها مأخوذة من رحم الواقع، يجمع فيما بينها الجندي العربي السوري الذي سطر ملاحم بطولية باتت تشكّل دروساً للأجيال تجمع في زواياها بين البطولة والتضحية والكرامة والعزة والاستبسال والشموخ والكثير من الصفات التي تعكس عقديته وإيمانه بوطن يذود عنه بدمه.
إنها حكايات تقدمها سلسلة (لأنها بلادي) التي انطلق عرضها في العشرين من الشهر الجاري وهي من إخراج نجدة أنزور وتأليف محمود عبد الكريم، إنتاج وزارة الإعلام – المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي، وانبثقت فكرة إنجاز العمل من وزارة الإعلام التي عملت بدأب وثقة كبيرة مدركة أهمية ما تُقدم لتثمر عملاً يلامس في تفاصيله الوجدان وعمق الحياة، ويوثق درامياً جزءاً من البطولات التي جرت خلال السنوات العشر الماضية.
هذا الأمر الذي أكده المخرج نجدة أنزور، مشيراً لدى سؤاله (لمن انتصر في العمل أللوثيقة أم للدراما أم للعامل الإنساني؟) إلا أنه انتصر لهم كلهم، يقول: (كانت معادلة ناجحة لأنه أحياناً لا يكفي أن يعبّر لك الموقف الدرامي عن الحقيقة فأنت بحاجة إلى التوثيق لتدعم هذه النظرية أو وجهة النظر، وبالتالي لتقدم الفكرة بإطارها الحقيقي ينبغي أن يكون الميدان موجوداً بشكل أو بآخر، والتقنيات اليوم تخدم طبيعة الموضوع، فلأول مرة ترى الطيار السوري كيف يعمل ويصعد لطائرته وما معاناته خاصة عندما يهبط في منطقة كلها إرهابيون، وبالتالي كيف سيكون مصيره؟ سترى قصصاً حقيقية بعيداً عن الدعاية والبروبوغندا فيها المحزن والمفرح، كما الحياة) مشيراً إلى أهمية حضور المرأة في العمل مؤكداً أن لها دوراً أساسياً وسنراها عبر كل المستويات فهي تشارك بشكل فعلي في مختلف التفاصيل والأحداث.
جاءت الحكاية الأولى بعنوان (ذخيرة من حب) مُحمّلة بنفس وطني وإنساني عالي المستوى ملامسة بعضاً من بطولات الطيارين الحربيين السوريين الذين دافعوا بشراسة عن مطاراتهم وطياراتهم وبلادهم في ظروف بالغة القسوة فصبروا وصمدوا ولم يتراجعوا لحظة عن ملاحقة القتلة الإرهابيين رغم أن المعارك كانت تدور على أسوار مطاراتهم الحربية، كما أظهرت القصة اللحمة الحقيقية بين الجيش العربي السوري ومختلف فئات الشعب، حيث تم تسليط الضوء على بدوي أصيل بمد يد العون إلى الطيار الذي أسقطت طائرته بصاروخ أميركي ويبحث عنه الإرهابيون ليسلموه إلى جهات خارجية وهو البدوي نفسه الذي ساعد جنوداً كانوا في المنطقة، وكان لشخصية الكاتبة (الفنانة نادين خوري) دور مهم في ربط الأحداث وشرحها والإضاءة على مختلف الجوانب بما فيها الشق العسكري، فبدت الحكاية أبسط وأعمق وأقرب إلى المتلقي وأكثر حقيقية، وما زاد من جرعة التأثير فيها مشاهد المعارك والطيران والاشتباكات ومشاهد درامية تحمل رسائل هامة من بينها كيف يتم رصد و صد الصواريخ المعادية وكيف يتم إسقاطها، هي معلومات ووقائع بصيغة درامية تجعل المشاهد في قلب الحدث وغير بعيد عما يجري في الميدان، كما يفضح العمل دور المشغّلين الحقيقيين للفصيل الإرهابي ووجود مقاتلين من دول مختلفة، وإلى جانب ذلك كله تُلوّن الصورة بقصة حب بين الطيار وخطيبته التي تشعر أنه عائد، وبالفعل تنتهي الحكاية بعودته بطلاً مؤمناً بوطنه وأرضه.
وغير بعيد عن هذه المآثر نتابع الإعلام الحرب السوري ومتابعته الحثيثة للمعارك جنباً إلى جنب مع المقاتل.