الثورة أون لاين _ فؤاد مسعد:
الإصرار على المضي قدماً نحو الأمام على الرغم مما قد يعترض المسيرة من أشواك ومصاعب هو بحد ذاته فعل مُقاوم ، فكيف الحال إن كانت هذه المسيرة هي لمبدعين وفنانين أعطوا من روحهم وقلبهم الكثير ضمن بلد يُقدّر قيمة المبدع وعطائه ، فخلال فترة الحرب التي شنت على سورية كان المبدعون سراجاً ينيرون الطريق ، وفي ظل أقسى سنوات الحرب هناك من عمل بجد ودأب وحب وبالمقابل هناك من تابع هذا العطاء ضمن الهيئات والمؤسسات فتم تكريم العديد من المبدعين ، هو مشهد يحمل بين طياته الكثير من التحدي والثقة والقوة كما يحمل الكثير من الدلالات والرسائل ، فالدعم المُقدم للحراك الإبداعي والثقافي والفني والفكري استمر بزخم (وربما بشكل أكبر في العديد من الأحيان) إيماناً بالدور الذي يلعبه في تحصين المجتمع والإنسان ، وإيماناً بأهمية عطاء المبدع الهادف إلى التطوير والتوعية والتنوير وتعزيز القيم النبيلة .
” ليس أجمل من تكريم الفنان في بلده ” هي عبارة كثيراً ما تكررت على ألسنة المبدعين لدى تكريمهم ، وخلال سنوات الحرب على سورية عديدة هي التكريمات التي حصدها فنانون أثروا الحياة الإبداعية بعطاء نابع من عمق القلب والوجدان والروح ، هذا التكريم الذي من شأنه أن يحثهم نحو مزيد من العمل المتميز والخلّاق للوصول إلى فضاءات أوسع وأرحب ، ولدى تتبع ما حصده الفنانون من تكريمات خلال الفترة الماضية يمكن تلمس العديدة من المناسبات التي تم فيها تكريم فنانين ومخرجين وكتاب ومطربين وملحنين ، وأرفع تلك التكريمات وسام الاستحقاق السوري الذي يمنحه رئيس الجمهورية ، وقد مُنح لعدد من المبدعين ومنهم الفنان الراحل ياسين بقوش الذي لقي مصرعه إثر استهداف سيارته عام 2013 ، حيث أصدر السيد الرئيس بشار الأسد المرسوم رقم (96) لعام 2013 الذي منح بموجبه الفنان الراحل ياسين بقوش وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الممتازة تقديراً لإنجازاته في خدمة الفن .
كثيرة هي الأمثلة التي تعكس اهتمام مؤسسات الدولة بتكريم الفنانين والمبدعين، ومن تلك الأمثلة قيام وزارة الإعلام العام الماضي بتكريم أسرة مسلسل (حارس القدس) لما حققه العمل في بعده المقاوم ورسائله الإنسانية والوطنية من أثر لدى الجمهور السوري والعربي ، وهو من إخراج باسل الخطيب وتأليف حسن م.يوسف ، أما في ميدان الإذاعة فتم تكريم عدد من الرواد الذين أفنوا عمرهم في العطاء دون حدود وذلك ضمن أول ورشة تقيمها وزارة الإعلام تُعنى بالدراما الإذاعية (2019) وجاءت بعنوان “الدراما الإذاعية سبعون عاماً من العطاء” ، وكرّم فيها كل من الممثلين : (سعيد عبد السلام ، رياض نحاس ، أميمة طاهر ، بسام لطفي ، سليم صبري ، رضوان عقيلي ، صالح الحايك ، هدى شعراوي ، ثراء دبسي) كما كرّم المخرجون (مروان قنوع ، محمد عنقا ، مظهر الحكيم ، مازن لطفي) والكتّاب (نهلة السوسو ، مروان الخاطر ، طالب عمران ، عبد الرحمن محمود ، أحمد السيد) ، أما عام (2020) فأقيم حفل تكريم نجوم الدراما الإذاعية الثاني ضمن احتفالية موزاييك التي أقامتها وزارة الإعلام ، وكرم فيها ممثلون ومخرجون وكتاب (انطوانيت نجيب ، وفاء موصللي ، توفيق اسكندر ، أحمد مللي ، اسكندر عزيز ، فيلدا سمور ، قمر مرتضى ، محمد الطيب ، هاني شاهين ، مصطفى فهمي البكار ، محمود عبد الكريم) .
كما قامت نقابة الفنانين بتكريم العديد من المبدعين ومنحتهم عضوية شرف ، وممن تم تكريمهم (نجدة أنزور ، سعد الحسيني ، ميادة بسيليس ، سعد مينه ، المصور مازن بركات ، مروان بركات ، مصطفى هلال) ، وبما أن سورية (كعادتها) تحتضن المبدعين العرب وليس السوريين فقط تم تكريم كل من (المطرب اللبناني معين شريف ، الفنانة المصرية الهام شاهين ، الفنان المصري فاروق الفيشاوي ، رئيس اتحاد الفنانين العرب مُسعد فودة ونقيب السينمائيين في مصر ، المخرج السينمائي المصري عمر عبد العزيز رئيس اتحاد النقابات الفنية في مصر) ، وكرّمت نقابة الفنانين أيضاً النجمة سلاف فواخرجي والمخرج المهند كلثوم .
ما تقدم غيض من فيض و يعكس في أحد أوجهه مكانة المبدع في سورية وأهمية حضوره في المشهد الثقافي والفني بشكل عام ولما له من دور متقدم في المجتمع ، هذا الدور الذي تم تلمسه بحب وتلقفه بنبل لذلك عديدة هي المناسبات الرسمية والوطنية والثقافية والفنية التي يتم فيها تكريم المبدعين ، هذا الطقس الذي استمر ونما حتى خلال سنوات الحرب التي شنت على سورية .