لم تكن مصادفة أن تحط طائرة وزير الخارجية الصيني وانغ يي في مطار دمشق الدولي بالتزامن مع مراسم أداء الرئيس بشار الأسد اليمين الدستورية لولاية رئاسية جديدة، بل رسالة يمكن قراءتها بأنها موجهة لمن يعنيهم الأمر في الغرب، بأن بكين اتخذت قرارها بدعم دمشق اقتصادياً رغم قانون قيصر، وأن بوابة الدعم ستكون عبر طريق الحرير.
الدعم الاقتصادي الذي ترغب به دمشق يتمثل في الاستثمار الصيني بمشاريع البنى التحتية والخدمات التي تعرضت للدمار والتخريب جراء الإرهاب والحرب، بالنظر إلى أن الصين تحتل موقعاً متقدماً في هذا المجال ولديها القدرة على الإسهام في إعادة البناء والإعمار بما يعود بالمنفعة عليها وعلى السوريين، وخصوصاً أن بكين كانت سباقة في تقديم الدعم السياسي في مجلس الأمن وكذلك في توفير الدعم الإنساني في مواجهة جائحة كورونا.
يُعرف عن الصين أنها تتحرك بهدوء لكن بشكل حثيث حتى تصل إلى أهدافها، والقوة الاقتصادية الأولى في العالم تعلم جيداً حجم التحديات في زمن العربدة الغربية، لذلك عادة ما تبتعد عن استعراض العضلات وتعمل على كسب جولات الصراع بطريقة النقاط المتراكمة لتقتنص فرصها بذكاء، وهذه السياسة جعلت منها القوة الاقتصادية الرائدة في القارة الإفريقية من حيث مشاريع البنى التحتية والخدمات.
إيمان الصين بالشراكة يجعل منها شريكاً مرغوباً في المجالات الاقتصادية والسياسية، ولاسيما من قبل سورية التي أعلنت منذ سنوات التوجه شرقاً، بعيداً عن هيمنة الغرب الاستعماري وبحثاً عن أصدقاء حقيقيين، والصين اليوم تطلق عنوان الشراكة في التنمية عبر مبادرة (الحزام والطريق) التي تمثل تجديداً لطريق الحرير القديم الذي كانت سورية أحد أبرز محطاته التجارية.
تشكل سورية نقطة جذب استثماري واعدة للقوة الاقتصادية الصينية ولا سيما في مجال إعادة تأهيل منشآتها الصناعية والخدمية والبنى التحتية والخدمات سواء في مجال الطرق السريعة والسكك الحديدية والمصانع ومحطات المعالجة والسدود والقطارات التي تسببت الحرب والإرهاب بتدمير قطاعات واسعة منها، وتعطيل عملية تحديث وتطوير ما تبقى من قطاعات أخرى.
في المباحثات التي أجراها الوزير الصيني في دمشق مع الرئيس الأسد ومع وزير الخارجية فيصل المقداد ركزت بحسب البيانات الصحفية على الجوانب الاقتصادية وخصوصاً مشاركة سورية في مبادرة (الحزام والطريق) الصينية والتي يمكن أن تشكل بوابة العبور الاقتصادي الصيني إلى سورية مخترقة قانون قيصر والحصار الذي يعوق الاستثمار الخارجي فيها.
زيارةٌ رُسمت مضامينها على مسار (طريق الحرير) وضمن مبادرة (الحزام والطريق) يأمل السوريون منها أن تشكل بوابة للعبور خارج الحصار الغربي الخانق الذي يلقي بتداعياته الخبيثة والخطيرة على شرائح المجتمع السوري على اختلاف توزعها الجغرافي والاقتصادي.
إضاءات – عبد الرحيم أحمد