كثيرة هي أوجه التعاون المشترك بين سورية وروسيا، (عسكرياً وسياسياً واقتصادياً وتجارياً وثقافياً وصحياً وغير ذلك..) وهذا يعود لطبيعة العلاقات التاريخية المميزة بين الجانبين، وهي تزداد رسوخاً اليوم، نظراً لحجم التحديات المشتركة التي تواجه البلدين، ومسألة التعاون الثنائي في موضوع عودة اللاجئين السوريين الذين اضطرتهم جرائم الإرهابيين لمغادرة بلدهم، تأخذ طابعاً إنسانياً يعكس الحرص المتبادل على إنهاء معاناة المهجرين، وقطع الطريق أمام الغرب الذي لا ينفك يتاجر بقضيتهم الإنسانية، ولاسيما أن روسيا لا تزال تقف إلى جانب سورية في محاربتها للإرهاب الدولي العابر للقارات.
بدا واضحاً من خلال أعمال الاجتماع المشترك السوري الروسي، وما يرافقه من سلسلة اجتماعات مكثفة تناقش مختلف أوجه التعاون بمجالات متعددة، مدى اهتمام البلدين بتعزيز أطر الشراكة الثنائية بما يسهم بتسريع وتيرة عودة اللاجئين، وتجاوز المعوقات التي تواجهها بسبب الحصار الاقتصادي الغربي المفروض على سورية، ولاسيما أن الدولة السورية تواصل بذل جهودها على هذا الصعيد، وقدمت كل الخدمات اللازمة التي تدعم عودة المهجرين من خلال إعادة تأهيل البنية التحتية التي خربها الإرهاب وإعادة الأمن والاستقرار للمناطق التي تم تحريرها، أو من خلال تسريع عملية المصالحات بما يضمن عودة آمنة للاجئين، وقد ساهم التعاون والتنسيق المستمر بين سورية وروسيا في تخطي الكثير من العقبات، وبفضل هذا التعاون تم فتح العديد من الممرات الإنسانية بإدلب وحلب لخروج المواطنين السوريين من مناطق سيطرة المجموعات الإرهابية التي تحتجز المدنيين وتمنعهم من الخروج إلى مناطق سيطرة الجيش العربي السوري.
الجهود السورية الروسية المشتركة حققت الكثير من النتائج خلال الفترات الماضية، ولاسيما على صعيد مكافحة الإرهاب، حيث تم دحر التنظيمات الإرهابية في معظم الجغرافيا السورية، ولم يبق سوى بعض البؤر الإرهابية في إدلب ومنطقة الجزيرة، وهي لن تدوم طويلاً، وكذلك تم قطع أشواط طويلة على طريق إيجاد حل سياسي يحافظ على سيادة سورية ووحدة أراضيها” اجتماعات أستانا وسوتشي”، وكان للتنسيق السوري الروسي في المحافل الدولية أبلغ الأثر في منع استصدار الكثير من القرارات الأميركية والغربية العدائية في مجلس الأمن، وحتى في مجال آلية دخول “المساعدات الإنسانية” عبر الحدود، فقد أثمرت الجهود المشتركة عن تقييد وصول “المساعدات” الغربية والتركية للإرهابيين، بعدما كانت الدول الغربية تنتهك حرمة الحدود وتستخدم المعابر اللا شرعية للإساءة إلى وحدة أرض وشعب سورية.
من الطبيعي أن تتطابق وجهات النظر بين سورية وروسيا إزاء العديد من القضايا المطروحة، فالبلدان تجمعهما الكثير من القواسم المشتركة، هما يرفضان سياسة الهيمنة الأميركية والغربية، والتدخل السافر في شؤون الدول الأخرى، ويدافعان بقوة عن قواعد الشرعية الدولية انطلاقاً من احترامهما للقرارات والمواثيق الأممية، ويبنيان علاقاتهما الدولية على أساس الاحترام المتبادل، ويطالبان الأمم المتحدة بتحمل مسؤوليتها في الحفاظ على الاستقرار والأمن الدوليين، ويسعيان إلى جانب العديد من الدول الصديقة لترسيخ نظام دولي متعدد الأقطاب يضع حداً لسياسة الغطرسة الأميركية، ولكل ذلك، فإن تعزيز التحالف والشراكة الاستراتيجية بين سورية وروسيا هو مصلحة مشتركة تخدم شعبي البلدين.
البقعة الساخنة – ناصر منذر