الثورة أون لاين- عبد الحميد غانم:
يوماً بعد يوم تتكشف حقائق عديدة تفضح الدور المشبوه للأنظمة الغربية في الحرب الإرهابية القذرة على سورية، ولعل الجميع يتذكر ما سمي “بالمعارضة المسلحة المعتدلة” التي ارتبطت بأجندات خارجية وبتمويل قوى استعمارية وفرت لها الملاذ للتحرك في الساحة الدولية سياسياً وإعلامياً، ومدتها بالسلاح والعتاد والمال للقيام بأدوار مشبوهة تدور في فلك الأهداف والأطماع الاستعمارية والصهيونية.
تلك “المعارضة” المدفوعة من الخارج حاولت التشكيك بكل خطوات الدولة السورية لحل الأزمة والمحافظة على وحدة سورية أرضاً وشعباً، وعلى هويتها ونسيجها الوطني، لا بل عملت على تأجيج الموقف الدولي ضدها ومنع الوصول إلى حل قريب للأزمة.
لقد أرادت تلك “المعارضة” المصطنعة من الغرب أن تتظاهر بأنها تمثل الشعب السوري وتعطي الانطباع بأنها تمثل الاعتدال إلا أنها خرجت بأفكار مدمرة لسورية واستقوت بالقوى الاستعمارية لتدمر الوطن وتقسمه، وتبنت رؤية تحقق الأطماع الطورانية العثمانية التركية التي تتماشى مع الأطماع الصهيونية والغربية المنفلتة من عقالها في غزوة شديدة سافرة ضد سورية.
واليوم يفضح تقرير غربي جديد من بريطانيا تمثيلية الاعتدال الزائف لما سمي “بالمعارضة السورية” التي ارتبطت بمعارضة الفنادق والمال ومافيا السلاح والإرهاب، وممن أطلق عليهم تضليلاً (معارضة مسلحة معتدلة) رغم ما كشفته الوثائق والحقائق والوقائع الميدانية حول جرائمهم كتنظيمات إرهابية متعددة الأسماء لا اختلاف بينهم وبين تنظيم (داعش) الإرهابي الذي يزعم الغرب محاربته سوى بالاسم.
فالتقرير الاستقصائي الذي أعدته مؤسسة البحوث الاستقصائية البريطانية ونشره موقع (ديلي مافريك) كشف أن الحكومة البريطانية أنفقت خلال السنوات الخمس الماضية ما يعادل نحو 477 مليون دولار لدعم وتمويل التنظيمات الإرهابية تحت مسمى “معارضة معتدلة” في سورية.
وأنها استخدمت- حسب التقرير- مؤسسة مثيرة للجدل اسمها (صندوق وايتهول.. الصراع والاستقرار والأمن) ومولت من خلاله عشرات المخططات التي تسميها (مشاريع) لدعم التنظيمات الإرهابية والترويج لها إعلامياً ومنحها غطاءً كاذباً تحت عنوان (الاعتدال) الزائف.
وجاءت التمويلات تحت عناوين مخادعة للرأي العام العالمي، فهذه الأعمال الإرهابية جاءت تحت ما سمي بميزانية المساعدة البريطانية التي تدعي لندن أنها تهدف إلى (هزيمة الفقر ومعالجة عدم الاستقرار وخلق الرخاء في البلدان النامية) فيما الواقع يكشف أنها لدعم الإرهاب في سورية.
وكانت تسريبات نشرتها صحيفة (التلغراف) عام 2020 تحت عنوان (حصان طروادة.. التسلل إلى لبنان) فضحت فيها دور بريطانيا في الحرب الإرهابية على سورية وأطماعها الاستعمارية الجديدة في المنطقة من خلال تدخلات سرية في دول عدة، وتظهر تدخل حكومة بريطانيا المبكر بالحرب ضد سورية منذ عام 2011 ودعمها الإرهابيين مادياً وإعلامياً وتسليحياً والتغطية على جرائمهم، إذ تم إنشاء شبكات إعلامية على أنها (مستقلة) فيما تروج في حقيقتها للفكر المتطرف إضافة إلى تدريب الإرهابيين وتسليحهم بهدف زعزعة استقرار سورية عبر استخدام المتطرفين أداة بهدف تحقيق أهداف سياسية خاصة، إلى فضائح عديدة كشفت عن وجود مشاريع وعمليات سرية أخرى تديرها وزارة الخارجية البريطانية.
ووفقاً للتقرير ثمة مشاريع وعمليات سرية تديرها وزارة الخارجية البريطانية بقيمة تتجاوز 28 مليون جنيه إسترليني خلال عامي 2016 و2017 وبرامج أخرى لتعزيز دعم الإرهابيين بمن فيهم تنظيم جبهة النصرة المدرج على لوائح الإرهاب الدولي.
كما بين التقرير أن أحد المشاريع الداعمة لهياكل التنظيمات الإرهابية والتي تصفها (بالمعتدلة) تبلغ قيمته 27.5 مليون جنيه إسترليني بهدف تمكين تلك التنظيمات من بناء ذاتها، وأنه أطلق تزامناً مع إطلاق تسمية (هيئة تحرير الشام) على تنظيم جبهة النصرة الإرهابي الذي يتبع لتنظيم القاعدة الإرهابي، وأن لندن أرسلت 85 جندياً بريطانياً لتدريب الإرهابيين في سورية تحت مسمى (معارضة معتدلة).
وكشف موقع (ذا كناري) الإخباري البريطاني عام 2016 عن تورط بريطانيا وإعلامها بتلميع صورة الإرهابيين في سورية وتقديمهم للرأي العام على أنهم (معارضة معتدلة)، فيما أكدت صحيفة ديلي تلغراف البريطانية قيام بريطانيا بإرسال جنود وقوات إلى السعودية من أجل تدريب الإرهابيين في سورية تحت مسمى (معارضة معتدلة) وأن بريطانيا عملت على تدريب هؤلاء في أربعة بلدان هي تركيا وقطر والأردن والسعودية وأن 85 جندياً بريطانياً قاموا بمهمة التدريب هذه.
إلى ذلك كشف التقرير الاستقصائي عن مشروع بريطاني آخر داعم للإرهابيين تحت مسمى (شرطة المجتمع) استمر حتى سنة 2018 ووضع تحت إمرة التنظيمات الإرهابية في مناطق انتشارها وخصوصاً في إدلب.
كل ذلك يقدم صورة حقيقية حول “معارضة الاعتدال” الزائف التي دعمها الغرب في سورية، ويقدم أدلة جديدة حول هوية مشغليها ويكشف زيف ادعاءاتهم وتضليلهم للعالم.