دخلت (طالبان) القصر الرئاسي في كابول بعد هروب الرئيس الافغاني أشرف غني خارج البلاد، وتجول قادة الحركة في أرجاء القصر وتردد حديثهم على الفور في ردهات البيت الابيض المنشغل أساساً بمتابعة محادثاته مع الحركة في قطر لترتيب علاقاتهما المستقبلية، وهو يشرف في الوقت نفسه على عمليات إجلاء رعاياه من الأراضي الأفغانية دون سواهم بعدما تم إنزال العلم الأميركي من سارية سفارته شديدة التحصين في كابل.
أمام هذا المشهد الأفغاني الدراماتيكي يقف المئات من الأفغانيين وربما الآلاف في مطار حامد قرضاي الدولي بمواجهة بنادق الجنود الأميركيين الذين راحوا يطلقون النار على كل من يحاول المغادرة على متن الطائرات الأميركية، تاركين هؤلاء الأشخاص لمصيرهم بعدما كانوا من أقرب المقربين إلى قوات الاحتلال الأميركي على مدار عشرين عاماً من الزمن، بل كانوا الأداة الرئيسية بيد الأميركيين لتدمير ما تبقى من أفغانستان.
مشهد الأفغانيين وهم يتعرضون لنيران الأميركيين في المطار الذي تشرف عليه القوات الأميركية لمنعهم من المغادرة، يصلح لأن يكون درساً مهما لأمثالهم ممن رهنو أنفسهم للأميركي ضد أوطانهم وهم كثر، ومن بينهم ميليشيا قسد التي أصبحت مثل الخنجر المسمومة في الخاصرة السورية.
كما تصلح الحرب الأميركية على أفغانستان أن تكون درساً للمجتمع الدولي الذي وقف موقف المتفرج من هذه الحرب العدوانية دون التدقيق في الموجبات التي ساقتها إدارة جورج بوش الابن لتبرير حربه التي قتلت مئات الآلاف من الأفغانيين وشردت الملايين ودمرت كل شيء في هذا البلد، إلا زراعة المخدرات وتجارتها فقد ازدهرت على يد الأميركيين.
وفي الختام وبعد عودة الجنود الأميركيين إلى ديارهم بعد عشرين سنة من الحرب المدمرة، محملين بوزر ما اقترفته إدارات بلادهم بحق هذا البلد وشعبه والعالم أجمع، مقدمين الساحة على طاولة المفاوضات في الدوحة لحركة طالبان، ناسفين بذلك كل أكاذيب محاربة الإرهاب التي صدعوا بها رؤوسنا، فهل من معتبر؟
حدث وتعليق – راغب العطيه