كتاب بسيط وربما اعتيادي أصدره محافظ الحسكة للتدقيق في حالات فساد في مطحنة القامشلي تكشف لاحقاً عن نهب 6 مليارات ليرة سورية تشكل قيمة النقص الحاصل في كميات الدقيق والمتاجرة بها في مطحنة واحدة .
نعم الرقم صادم ومستفز لكل من سمعه لأنه جاء في ظروف اقتصادية ومعيشية قاسية جداً لم يسبق لمواطن أن عاشها طوال سنوات الحرب التي فرضت على البلد وتترافق مع تصريحات متتالية من المسؤولين بقلة الموارد ولكنه يقدم دون شك صورة واضحة عن حجم التقصير الحاصل من كافة الجهات الرقابية وفي مقدمها أهم جهتين وهما الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش والجهاز المركزي للرقابة المالية في المتابعة والتدقيق المالي والإداري وعلى مدى سنوات لأن رقم ستة المليارات ليرة لم ينهب بين ليلة وضحاها وإنما على فترات طويلة غفلت عنها عشرات اللجان والفرق التفتيشية عن كشفه أو غضت الطرف أو لربما كشفت جانباً منها وبضغط من أشخاص متنفذين ومنتفعين من استمرار الفساد اهملت الملاحظات حتى وصلنا لهذه المرحلة الفاضحة من الفساد ولعل الاكتفاء حتى اللحظة بإحالة أمين مستودع المطحنة للقضاء خير دليل على أن الحلقة الأضعف بحلقات الفساد هي التي يتم التضحية بها كالعادة، على حين يبقى المتنفذون خارج المحاسبة أو تسحب منها كما الشعرة من العجين .
إن كان هناك من نية حقيقية لدى المسؤولين في محافظة الحسكة في كشف كافة ملابسات فضيحة الفساد المالي هذه وليس فقط مجرد رمي قنبلة صوتية فيجب وضع هذا الملف على طاولة التفتيش من ألفه إلى يائه ووضع الإعلام وعبره المواطن بصورة تطورات القضية وصولاً لكشف وفضح كل من تجرأ وتلاعب وسرق دقيق المواطنين ولتكون هذه القضية التي عنوانها إعادة المليارات الستة لخزينة الدولة ترجمة فعلية لكلام السيد الرئيس بشار الأسد في لقائه مع الحكومة مؤخراً ومطالبة سيادته المؤسسات المعنية أن تكون حاسمة وحازمة بضرب الفساد دون تردد .
وطالما ملف الفساد بالواجهة حالياً مع حالة الصدمة الجديدة التي خلفها خبر تسرب آلاف الأطنان من الفيول جراء تلف أحد الخزانات في وقت تعاني فيه البلد نقصاً كبيراً بالمادة انعكس واقعاً سلبياً جداً على قطاع الكهرباء ومع توجه وزارة الكهرباء لتشكيل لجنة للبت في ملابسات ما حصل في المحطة الحرارية ببانياس ووضع ملف مطحنة القامشلي على طاولة التحقيق وكي لا تبقى التقارير الناجمة عنها حبراً على ورق كحال مئات التقارير التفتيشية لابد من وضع الرأي العام السوري بنتائج تلك التحقيقات بشفافية خاصة لجهة محاسبة المسؤولين وكل من له يد بتخريب اقتصاد البلد .
الكنز -هناء ديب