لاشك أن المحاولات الحكومية الجارية- من خلال قانون الاستثمار أو غيره- لجذب المستثمرين من الخارج لإقامة استثمارات داخل بلدنا أو للمساهمة في إعادة إعمار ما دمره الاٍرهاب وداعموه فيه أمر مهم وضروري، لكن الأهم والأكثر ضرورة هو الحفاظ أولاً على كل من بقي داخل الوطن واستمر في العمل والاستثمار، ومن ثم تقديم كل التسهيلات لهم، وإزالة العقبات والصعوبات التي تحول دون استكمال مشاريعهم المباشر بها منذ ما قبل الحرب العدوانية أو خلالها، وتشجيعهم على إقامة المزيد من الاستثمارات في مختلف المجالات.
إن البيئة التشريعية التي وفرتها الدولة من خلال قانون الاستثمار وتعليماته التنفيذية بيئة مشجعة حقاً، لكن البيئة الإدارية القائمة في الجهات الحكومية وكل مايحكمها من خلل وأنانية وفساد ومايرتبط بها أو يضغط عليها أو يتلاعب بقرارها، بيئة غير مشجّعة لابل بيئة يمكن وصفها بأنها بيئة طاردة بكل أسف وفق تأكيدات الكثير من المستثمرين ولاسيما في الفترة الأخيرة التي تشير معطياتها إلى أن الأمور تزداد سوءاً بعكس ماهو مأمول ومخطط له ومطلوب!
وضمن إطار ما تقدم لجهة(البيئة الطاردة)للاستثمار، نقول: إن فتح ملفات الكثير من التراخيص الممنوحة لمستثمرين، وملفات المشاريع الاستثمارية المباشر بها والمتوقفة، من قبل لجان أو جهات وطنية نزيهة وحريصة، كفيل بكشف الحقائق والوصول إلى نتيجة تؤكد ما ذهبنا إليه، كما تؤكد أن إرادة حل العقبات التي تحول دون استكمال هذه المشاريع غير متوافرة كما يجب حتى تاريخه، فلو كانت متوافرة لما بقي مشروع واحد متوقفاً أو متعثراً رغم الحاجة الماسة له، ورغم تشكيل لجنة وزارية منذ ما قبل نهاية ٢٠١٩ لمعالجة كل أسباب التعثر والتوقف لمشاريع تعود لمستثمرين داخل البلد مضى على تعثر وتوقف نسبة كبيرة منها أكثر من عشر سنوات من دون حلول جادة، كما هو الحال في مصنع الأحذية الرياضية جنوب طرطوس الذي يشغّل نحو ١٥٠٠ فرصة عمل على ثلاث ورديات، ومشروع شركة فينيقيا لصناعة الأدوية غرب صافيتا، ومشروع الأدوية السرطانية في ريف طرطوس، ومشروع السمرلاند السياحي شمال طرطوس على البحر، والكونكورد عند الأحلام، ونحو مئتي مشروع منتشرة في كل المحافظات السورية!
إن النوايا الحسنة والشعارات والتصريحات البراقة الصادرة عن أصحاب القرار في وزاراتنا وجهاتنا العامة المختلفة لن تؤدي إلى تشجيع وإبقاء من في الداخل ولن تجذب من في الخارج، إنما من يبقيهم ويجذب غيرهم هو التفكير من خارج الصندوق والأفعال على أرض الواقع وفهمكم كفاية.
على الملأ – هيثم يحيى محمد