لم تعد ملامح سياسة الإدارة الأميركية الحالية وكيفية تعاطيها مع القضايا الدولية والملفات التي سخنتها واشنطن على جمر إثارة النزاعات وافتعال الحرائق لم تعد مبهمة وخفية أو يشوبها لبس وتعقيد وإن مازالت المخاتلة بمآربها الحقيقية من وراء تأجيج الحروب افتعال الأزمات وتسعير التعديات على امتداد الرقعة الدولية هي سيدة المواقف ما خفي منها وماظهر، وإن غلف الدجل والرياء خبايا الشر الأميركي وخاصة مع الصين وروسيا الأمر الذي ظهر جلياً في اتفاقية “اوكوس” لضمان عربدة أميركية طويلة الأمد في المحيطين الهندي والهادي وتطويق صعود قطبين مهمين وتعاظم ثقلهما في تعديل اعوجاج الميزان العالمي نتيجة هيمنة واشنطن واستفرادها لعقود بفرض رغباتها بعكس مشيئة الكثير من الدول وبعيداً عن تطلعات شعوبها، ما يثير الفزع الأميركي ويرفع هاجس ذعر حكامها.
الجنوح للإرهاب والرغبة الجامحة بالتسلط والهيمنة الاستعمارية سمة متأصلة في الذهنية الأميركية، أما شعارات صون الديمقراطية ونشر السلام التي تبجح بها جو بايدن على منصة الجمعية العامة في استعراض بهلواني هزلي، فإنها تثير التهكم والسخرية إذ كيف تحاضر ذئاب البيت الأبيض بحقوق الإنسان وضرورة حفظ وحدة واستقرار الدول، وأنيابها ومخالبها غارزة في عنق الشرعية الدولية وقوانينها وسكاكين الإرهاب الأميركي وخناجر لصوصيته تغوص عميقاً في جسد منطقتنا؟!.
حتى الوقت الراهن ومن خلال ما نلاحظه من توتير للأجواء السياسية والدبلوماسية واعتماد سياسة التهديدات والتحشيد العسكري ندرك أن بايدن لا يرغب بإعادة العربة الأميركية إلى سكة الصواب الدولي ولايريد أن يكبح جماح الرغبة بالاستئثار بالهيمنة المنفلتة من عقال الضوابط الملزمة دولياً والتي أولى أولوياتها احترام سيادة الدول وضبط إيقاع التعاطي معها وفق الأعراف والمواثيق الدولية.
لا تسأم أميركا من صناعة الموت وتفخيخ الخريطة العالمية بديناميت الإرهاب في لعبة عته وطيش سياسي وعسكري وتتغافل متعمدة عن عواقبه وتبعاته الجلية، وذلك مرده غلو إرهابي يعشعش في عقلية حكامها ورغبة محمومة لتوسيع رقعة هيمنتها الاستعمارية، فتخلع فيه من وجه الحقيقة عين العقل والتبصر بالمآلات المحتومة والعواقب الوخيمة لأفعال شرورها، وتغفل كل الإشارات التي تضرب بقوة على رأس سقوط هيمنتها وتلاشي جبروت تسلطها وتتبع غوايات الأطماع وبسط الهيمنة، في مشهد فيه الكثير من جنون التخبط وحماقة التصرفات.
حدث وتعليق – لميس عودة