لا يختلف اثنان أن الحديث عن الاستثمار في الثقافة والفن والأدب، هو استثمار في المستقبل، فلم يعد الفن وعالم الثقافة ضرباً من الرفاهية والكماليات، بل بات حاجة وضرورة، في ظل هذا الانفتاح على الفضائيات، وتطور التقنيات وسهولة التنقل بين نتاجات الشعوب بكبسة زر.
ربما يسعى البعض في جهود متواضعة ليقدم مشروعاً ثقافياً وسط تحديات كبيرة، ولكن سرعان ما يتحول هذا المشروع إلى مكان استهلاكي، وهذا ما شاهدناه في الآونة الأخيرة من إغلاق للعديد من المكتبات العريقة التي كانت لسنوات طويلة مقصداً للباحثين والدارسين والمهتمين، واستبدالها بمحلات استهلاكية تشبع البطون، ولكنّها قاصرة عن إشباع العقول وتزويدها بالفكر والمعرفة والحكمة.
وعندما أكّد السيد الرئيس بشار الأسد في مقولته : إن الاستثمار في المشاريع الثقافية هو الاستثمار الأكثر ربحاً، لأنه يبني الإنسان المنتمي والمتسلح بالمعرفة، فهو يرسم لنا الطريق إلى عالم النجوم، ويحثنا على بناء مجتمع حضاري عماده الثقافة والعلم في عصر أصبح يسير بسرعة الضوء باتجاه التقنيات الحديثة وتفجر المعلومات.
وهنا لا يمكن تجاهل أن بلادنا تملك الكثير من المقومات التي تعد مادة أولية للصناعة الثقافية بدءاً من الطاقات البشرية المبدعة إلى القدرات الثقافية والفنية التي استطاعت أن تحلّ ضيفاً محبباً على الفضائيات في العالم العربي جميعه عبر الدراما، وقد شهدت المهرجانات العالمية نتاجات السينما السورية واحتلت مكانتها المرموقة، وسورية غنية بأوابدها التي تشكّل مكاناً لائقاً لاستقطاب الاستثمار في الفنون والسياحة الثقافية، وهذا كلّه يشكّل عماد الصناعة الثقافية بامتياز، ولكن نحتاج وعياً وعملاً دؤوباً للتأكيد على أهمية هذا النوع من الاستثمارات التي تساهم في التنمية المستدامة وغرس بذور من المثل والقيم العليا.
ومن الأهمية بمكان العمل على استقطاب شرائح المجتمع كافة وخصوصاً الشباب الذي يحمل في جعبته الكثير من الأحلام والطموحات والأخذ بيده ودعمه لتحقيق مشروعه، في ظل تنامي ظاهرة هجرة العقول والشباب على وجه الخصوص، وتوفير المناخ الملائم لاستثمار رأس المال البشري والإبداعي بما يليق بالوطن وأبنائه.
رؤية- فاتن أحمد دعبول