ساعات ونعبر إلى ذكرى حرب تشرين التحريرية، وفي ساعات العبور نستذكر قيم هذه الحرب الكبرى ومعانيها العظيمة، وأولها، أننا ننتصر اليوم على الإرهاب وتنظيماته المتطرفة ومشغليه وداعميه والمستثمرين فيه لأننا سرنا على خطاها، ولأننا جعلنا نصرها، وأسبابه وركائزه، الدم الذي يسري في عروقنا منذ يومها التشريني المجيد وحتى لحظتنا الراهنة.
هل نستذكر الانقلاب الجذري الذي أحدثناه في خارطة المنطقة السياسية، بل خارطة العالم كله وتحالفاته وإعادة تموضع قواه، أم نستذكر تحطيم أسطورة القوة المزعومة للكيان الصهيوني على يد جيشنا البطل، والتمهيد لجعله أوهن من بيوت العنكبوت على يدي شعبنا وأيدي محور المقاومة معنا؟.
هل نستذكر نتائج الحرب العسكرية والسياسية والاقتصادية والجيو إستراتيجية المدوية، التي قلبت مزاج الكيان الصهيوني وخططه وإستراتيجياته، ووقعت كالصاعقة على مراكز أبحاثه ومفكريه، وجعلتهم يبحثون عن مخارج لهزيمتهم ونكستهم ومأزقهم وأزماتهم الناتجة عما جرى؟.
هل نستذكر إعادة الثقة لجنودنا بأنفسهم وقوتهم وقدرتهم على الفعل، وتعاملهم الذكي مع وسائط الصراع وأحدث ما أنتجته مصانع الأسلحة والتكنولوجيا الجديدة، ومقدرتهم الفائقة على التعامل مع أنواعها المختلفة واستخدامها بالشكل الأمثل، وتحقيق الأهداف المرجوة منها، أم نستذكر ترسيخ جوهر الحقيقة التي قالت كلمتها في الحرب، وهي أن الإنسان هو العامل الحاسم في المعركة، وفي تحقيق النصر، وأن الجندي المقاتل، وليس السلاح، هو من يقرر نتيجة الحرب؟.
هل نستذكر إرادة شعبنا الصلبة والمقاومة، التي لم تعرف في لحظات المعارك المشرفة التراجع أو الانكسار أو الخوف والوجل، والتي كسرت شوكة حكام العدو ومستوطنيه ومنظريه، ومرَّغت أنوفهم في أوحال الهزيمة، أم نستذكر رفع العلم العربي السوري خفاقاً في سماء القنيطرة المحررة في السادس والعشرين من تشرين الأول عام 1974 كنتيجة حتمية لمعارك الاستنزاف التي أعقبت الحرب المظفرة في السادس من تشرين قبل عام؟.
هل ننقل صور الخسائر الفادحة التي منيت بها قوات العدو الصهيوني من طائرات ودبابات وعربات مدرعة من جديد، أم نعيد بثّ الأفلام عن المعارك الحاسمة التي دكت تحصينات العدو الصهيوني ودمرتها من خط “بارليف” في سيناء إلى خط “آلون” في الجولان واختراقها بسرعة فائقة، وحررت جميع المواقع المحصنة التي ظنّ الغزاة لوقت طويل أنها تُعْجِزُ السوريين والعرب، وتحمي مستوطنيهم من أي هجوم محتمل؟.
كثيرة هي المعاني والذكريات المشرفة عن حرب تشرين التحريرية، والتي لا نستطيع الإحاطة بها في سطور، لكنها ستبقى راسخة في أذهان شعبنا، والنبراس الذي يضيء طريقنا إلى النصر والتحرير من كلّ محتل غاز أو إرهابي ومرتزق عابر!.
البقعة الساخنة بقلم مدير التحرير أحمد حمادة