النقد الأدبي ينكفئ بصمت والإضاءات الصحفية تتصدّر المشهد

الثورة أون لاين – رنا بدري سلوم:
أي جريمة ارتكبتها؟ حين ألقيت الضوء على مجموعة قصصية ووصفتها بالطفل الخديج؟ ولماذا لا نفرّق بين الإضاءة الإعلامية وبين النقد الأدبي المتخصص الذي يعيش مرحلة النأي بالنفس؟ ولماذا تضطر ّالصحافة الأدبية أن تتحول إلى أداة تجميل لبعض النتاجات التي لا ترقى إلى مستوى الإبداع؟ تجهر بقراءة عاجلة تحت مسميات مختلفة ولا تُشبع النهم المعرفي، فيغيب النقد الأدبي ويغفو الإبداع !

2.jpg3.jpg
لم تحفز أسئلتي تلك بعض أصحاب الاختصاص “الأكاديمي” في النقد الأدبي ليقدموا اعتذارهم عن الإجابة، وكأن النقد الأدبي في أزمة حقيقية أمام البهرجة الإعلامية! ..
يتعجب الناقد أحمد علي هلال كم من هذا البريق قد خبا، وتلاشى لانقطاع الناقد، وضمور حساسية النتاج الأدبي، فالناقد برأيه صاحب حوارية المعارف، وليس صاحب إبداع بياني، مستذكراً ما كتبه الناقد الراحل د.إحسان عباس في مقالته بعنوان أزمة النقد، «عند حائط المبكى» والتي يتحدث فيها عن شكوى عامة في الصحافة الأدبية والعربية، وعن غياب دور النقد الأدبي، والتطلّع إلى نمو نقد أدبي قادر على مواكبة الإنتاج الأدبي، بينما يقترح د. حسام الخطيب العبارات الأكثر وروداً هي غياب دور الناقد، مؤامرة الصمت النقدية، الذاتية في النقد، اللاموضوعية، نقد المجاملات، بؤس النقد، عجز النقد عن مواكبة الإبداع… وهذا يعني بالتأكيد حتمية مساءلة النقد والنقاد في الإنتاج من الوجود بالقوة إلى الوجود بالفعل، بما يعني الثقافة وإنتاج الثقافة قبل كل شيء، لأن النقد هو فعالية ثقافية ضمن شرط تاريخي معين.
إذن، هي ليست مشكلة غياب النقد، بقدر ما هي «عرض مرضي من أعراض الجسم الأدبي، تخص النقاد وأهل الأدب»، كما ذهب الناقد – عباس- في توصيفه لضعف دور النقد في حياتنا العربية المعاصرة، وهذا صحيح على الأرجح. فامتلاك نقد معافى هو وجود إبداع معافى وذلك يستلزمه بل يشترطه أيضاً.
يوافقه الرأي الروائي والقاص والناقد محمد باقي محمد في أن الصحافة ستلعب دورا في نشر قراءات سريعة على أنها دراسات نقدية، هذا باستغلال طبيعة العمل الصحفي، ووجود علاقات شائبة سمحت بالمحاباة! وقد يؤثر هذا في الحكم على جنس كقصيدة النثر مثلا، لكثرة النماذج الرديئة المنشورة بشكل يشوش على القارىء، فبرأي محمد أن العمارة النقدية لا توازي العمارة الإبداعية، على هذا فالساحة مفتوحة للمتسللين من المتسلقين وأنصاف المواهب، وقد يتقدم عمل هابط في التقييم على عمل مهم، بوجود السوشل ميديا بكروباتها الأدبية، والصحافة بعلائقها المشوهة! وإذا عدنا إلى البدايات سنجد أن الأديب والناقد تناوبا في المشهد النقدي، كما في حالة طه حسين ود . محمد مندور في مصر، وحنا عبود ونبيل سليمان في سورية.

في حين بين هلال أن سؤالي عن حضور النقد الأدبي على مستوى الخصوصية المحلية أو العمومية هو سؤال استحقاق، وسؤال الضرورة التي لا تذهب إلى نفيه أو إثباته، بل تتأمله في برهات صيروراته ومساراته علواً أو انخفاضاً أو غياباً موارباً، ما يعني نسبية حضوره، كما غيابه، أو تغييبه إن جاز التعبير في ظل الشكوى الصريحة من ذلك –الغياب- أو التندّر بالحضورات الباهتة لأشكال من «الممارسة النقدية» التي يشوبها اختلاط في المعايير، وافتتان في التنظير، أو الميل إما النزوع للشروحات والتبسيط المخل، فيما ينكفئ النقد الحقيقي متعللاً (بغياب الإبداع) ويذهب لممارسة النقد الأدباء أنفسهم وهي ظاهرة لافتة للنظر.
أمسى النقد أداة تجميل!، ما يحدث في أغلب ما يسمى بحفلات توقيع الإصدارات على أهميتها، فبرأي هلال أن الناقد لا يستطيع أن يقوم بقراءة نقدية في سياق تلك الحفلات، ربما إشارات سريعة لطبيعة الاحتفاء والسمات الإعلامية والإعلانية، ويبين هلال أن الناقد الحق فاعل ثقافي بامتياز ذو كفاءة معرفية، فهماً وممارسة والفهم يقود إلى امتلاك حكم القيمة، فالناقد هو صاحب الكشف والرؤيا، من خلال قوانين النص، واحترام خصوصيته، وهو صاحب المعرفة الموسوعية التي تستثمر المعارف النظرية والعلوم الإنسانية وتوظفها بشكل خلاق، وهو صاحب الحساسية في قوله النقدي، في اكتشاف الجوهر، والقيمة التي يحوزها النص المبدع، وثمة مفارقة تفرض نفسها: هل ما يقوله النقاد يمثل دليلاً صالحاً للإبداع؟!، برأي هلال لا ينبغي التعميم، بمعنى أن للناقد الحقيقي دوراً في الارتقاء بالذائقة، لكن هذا ليس مفصولاً عن مسؤوليته المعرفية والأخلاقية بآن، فإذا كان النتاج حقيقياً فالناقد فلا بريق عابر، ولا امتداح نافل.
“سيبقى المشهد النقدي من حيث الممارسة على حاله” وفقاً للناقد محمد باقي محمد ، بمعنى أن بعض الأدباء سيشتغلون عليه، فيما سيتعمق الناقد المتخصص، فإلى جانب حنا عبود الذي انتقل إلى دراسة الميثولوجيات ، قد عاد إلى التراث الإغريقي، الأستاذ يوسف اليوسف في كتابه “ما الشعر العظيم “؟! أو في دراسته الماتعة في شعر ت . س . إليوت ، أهناك من يشكك في د.محمد جابر عصفور ناقدا ؟! د. عبد القادر القط ؟! أو محمود أمين العالم ؟! محمد بنيس من المغرب ، و د. عبد الله الغدامي في المشرق ، الأستاذ نبيل سليمان ود. نضال الصالح ود. سعد الدين كليب من سورية و د . يمنى العيد من لبنان، هذا على سبيل المثال لا الحصر ؟!

أخيراً، النقد هو نشاط فكري ديدنه البناء، لا الهدمْ، والناقد المثقف، هو من يعيد الاعتبار لجدلية العلاقة مع الإبداع، تكاملاً لا يقصي خصوصية كل من النقد والإبداع، فالإطراء المجاني لا يؤسس لإبداع، ولا يرتقي بأدوات الناقد

 

آخر الأخبار
تعاون اقتصادي وصحي بين غرفة دمشق والصيادلة السعودية: موقفنا من قيام الدولة الفلسطينية ثابت وليس محل تفاوض فيدان: الرئيسان الشرع وأردوغان ناقشا إعادة إعمار سوريا وأمن الحدود ومكافحة الإرهاب رئيس مجلس مدينة اللاذقية لـ"الثورة": ملفات مثقلة بالفساد والترهل.. وواقع خدمي سيىء "السكري القاتل الصامت" ندوة طبية في جمعية سلمية للمسنين استعداداً لموسم الري.. تنظيف قنوات الري في طرطوس مساع مستمرة للتطوير.. المهندس عكاش لـ"الثورة": ثلاث بوابات إلكترونية وعشرات الخدمات مع ازدياد حوادث السير.. الدفاع المدني يقدم إرشادات للسائقين صعوبات تواجه عمل محطة تعبئة الغاز في غرز بدرعا رجل أعمال يتبرع بتركيب منظومة طاقة شمسية لتربية درعا حتى الجوامع بدرعا لم تسلم من حقد عصابات الأسد الإجرامية المتقاعدون في القنيطرة يناشدون بصرف رواتبهم أجور النقل تثقل كاهل الأهالي بحلب.. ومناشدات بإعادة النظر بالتسعيرة مع بدء التوريدات.. انخفاض بأسعار المحروقات النقل: لا رسوم جمركية إضافية بعد جمركة السيارة على المعابر الحدودية البوصلة الصحيحة خلف أعمال تخريب واسعة.. الاحتلال يتوغل في "المعلقة" بالقنيطرة ووفد أممي يتفقد مبنى المحافظة الشرع في تركيا.. ما أبرز الملفات التي سيناقشها مع أردوغان؟ بزيادة 20%.. مدير الزراعة: قرض عيني لمزارعي القمح في إدلب تجربة يابانية برؤية سورية.. ورشة عمل لتعزيز الأداء الصناعي بمنهجية 5S