انهيارُ واحتضار الديمقراطيّات المتعجرفة والساخرة

الملحق الثقافي:نبوغ محمد أسعد:

يقول الدكتور «هاني الخوري» في مقدمة كتاب «أميركا رحلة الوداع» تأليف:« كريس هيدجيز وترجمة «حسين صلاح الدين»: «إن هذا الكتاب الموثّق النوعيّ، يظهر مدى التفكّك والمشكلات التي يعاني منها المجتمع الأميركي، ابتداءً من المخدرات إلى المافيات الاقتصادية والمالية، إلى حالات التفكّك وكيفية بيع الأدوية بملايين الوصفات، وهي عبارة عن مواد أفيونية تكرّس 80 بالمئة من الاستهلاك العالمي».
يوضّح الكتاب، انهيار الديمقراطية على يد ترامب الساخر، والمتعجرف المتسلّط على العالم، وفضائح اليمين الأميركي في مسح المجتمع العلماني، أي أن المجتمع الأميركي مغلق عليه بأيديولوجية دينية، ونظرية المؤامرات، حيث يميل أبناؤه للانتحار في عالمٍ بات من الصعب التعايش فيه، لأنه يغرق في الحزن والكآبة والتراجع، والبطالة في ازديادٍ، والكوارث الطبيعية تلقي بظلالها وتصدم المخيلة الأميركية، والسؤال هنا: أهي رؤية سوداوية لواقعٍ، لطالما عانى من المشكلات والتحديات؟!.. أم هي فعلاً نهاية الامبراطورية الأميركية، ومعها الهيمنة الغربية، ومظاهر الرفاهية العالمية الفارغة، خاصة أن أميركا اعترفت بأنها دخلت أكبر كسادٍ عالمي، وأكبر تراجع في نتاجها الإجمالي مع أزمة كورونا؟..
الكتاب يطرح بمجملِ فصوله، أهم القضايا الأميركية التي يتعرض لها الشعب، وتهدّد بانقراضه وانسياقه إلى الفناء، مع الانعكاسات المجتمعية السلبية المتفاقمة، والتي باتت تشكّل خوفاً للسلطة الأميركية وكيانها الهشّ، وقد بات قاب قوسين وأدنى للانهيار الشامل..
ينقسم الكتاب إلى عدة فصول، يعرض فيها «هيدجيز» وبشكلٍ مفصّل وموثّق بأدلة دامغة، أهم القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والإنسانية، وغيرها من القضايا التي أصبحت خارج نطاق سيطرة الكيان، وخارج حدود تطلعاته المزيفة التي يغشي بها أبصار العالم من حوله.. إنه يفضح الحقائق، ويكشف زيف وبهتان المجتمع الأميركي، من الألف إلى الياء.
على سبيل المثال، في الفصل الثاني من الكتاب، يعرض أهم الحالات النفسية المتدهورة، لكتّاب ومشاهير وفنانين وغيرهم، ممن تعرضوا لحالات الإدمان المفرط الذي أدى بدوره لانتحار العديد من الشخصيات التي أتى على ذكرها، فكانت ضحية ما قدّمه الكيان من تسهيلاتٍ للانتحار والموت، وبرغم كلّ المحاولات للحدّ من خطر الإدمان وآثاره السلبية على المجتمع، لكنهم فشلوا في ذلك محاولين عدم إخراج ما يدور من فسادٍ وانحلال، خارج بوتقة المجتمع الأميركي.
وفي الفصل الرابع، يتطرّق المؤلّف إلى «السادية» التي تشبه الفاشية، وإلى التدين الذي ينبع من الانحراف الجنسي، مع وجود براهين وأدلة كثيرة، لشريحة كبيرة ممن كبّلتهم السادية، وصاروا تحت رحمتها في ممارسة شذوذهم، بطرق التعذيب والإذلال والضرب بالشحنات الكهربائية، وغيرها من الأساليب التي يمكنها أن تؤدي للموت، إضافة إلى كثرة الأفلام الإباحية وانتشارها بشكلٍ لافت، لدى الصغار قبل الكبار …
تقول «غيل داينز» مؤلفة كتاب «أرض الإباحية»: «إن الصناعة الإباحية قد خطفت الحياة الجنسية لثقافة كاملة، وهي تلقي نفايات لجيلٍ كاملٍ من الأولاد والفتيات، ومحاربة الإباحية يعني محاربة الرأسمالية العالمية».
أما عن المقامرة، فيدل عليها المؤلف في الفصل السادس، مشيراً إلى أنها تتمّ في كازينو «تاج محل» العائد لترامب، وهو أعلى مبنى في نيوجيرسي، وأكبر كازينو في العالم، ويستقطب أهم رجال الأعمال في العالم، لرفد نفقاته الباهظة، وقد عمد ترامب لتسمية أجنحته بأسماء المشاهير في التاريخ، مثل الإسكندر الكبير، أو مايكل أنجلو، أو نابليون، أو كليوباترا وغيرهم.. ليكون أكثر أجنحته جذباً وارتياداً، مسرح القمار، ومن أجل أن يبقى الفندق في أعلى مستوياته لربح المال، مهما كانت الخسارة الاجتماعية والاقتصادية وغيرها، لمجتمع متدنّ انساق وراء القمار والشذوذ والعنف والفسق، وكلّ ما يؤدّي الى الانحلال الأخلاقي..
في الكتاب، يصوّر «هيدجيز» الحقائق المرعبة على أرض الواقع، وهي حقائق تنطلق منها المقاومة، وتشجّع على ثقافة إعادة الإعمار الفاعلة والقابلة للتحقيق..
باختصار: الكتاب يطرح أسباب تفكّك النسيج الاجتماعي الأميركي، ويفضح حقائق ما فعله ترامب وأوباما وغيرهم، حتى تمّ هدم كيانه وبناه التحتية، إضافة إلى الجرائم التي ارتكبوها للوصول إلى مطامعهم، دون التفكير بمخلفات ما شكّلته عقولهم وأياديهم الآثمة، بحقّ من صاروا كتل نارٍ تحرق بعضها بعضاً..
هذا بعض مما ورد في الكتاب، الذي يمتلك مدارات أخرى تشير إلى مناحي الخراب والفشل والدمار، وماهي عليه أميركا، ومن يدفعها لتكون سبب كلّ هذا الانهيار في العالم..

التاريخ: الثلاثاء12-10-2021

رقم العدد :1067

 

آخر الأخبار
٥٠ منشأة صناعية جديدة ستدخل طور الإنتاج قريباً في حمص الإعلام على رأس أولويات لقاء الوزير مصطفى والسفير القضاة وزير الإدارة المحلية والبيئة يوجه بإعادة دراسة تعرفة خطوط النقل الداخلي سجن سري في حمص يعكس حجم الإجرام في عهد الأسد المخلوع ميشيل أوباما: الأميركيون ليسوا مستعدين لأن تحكمهم امرأة لجنة السويداء تكسر الصمت: التحقيقات كانت حيادية دون ضغوط الضرب بيد من حديد.. "داعش" القوى المزعزعة للاستقرار السوري من الفيتو إلى الإعمار.. كيف تغيّرت مقاربة الصين تجاه دمشق؟ انفتاح على الشرق.. ماذا تعني أول زيارة رس... تفعيل المخابر والمكتبات المدرسية.. ركيزة لتعليم عصري 2.5 مليار يورو لدعم سوريا.. أوروبا تتحرك في أول مؤتمر داخل دمشق مغترب يستثمر 15 مليون دولار لتأهيل جيل جديد من الفنيين بعد زيارة الشيباني.. ماذا يعني انفتاح بريطانيا الكامل على سوريا؟ فيدان: ننتظر تقدّم محادثات دمشق و"قسد" ونستعد لاجتماع ثلاثي مع واشنطن وفود روسية وتركية وأميركية إلى دمشق لمناقشة ملف الساحل وقانون "قيصر" رغم نقص التمويل.. الأمم المتحدة تؤكد مواصلة جهود الاستجابة الإنسانية بسوريا بين "داعش" و"قسد" وإسرائيل.. الملفات الأمنية ترسم ملامح المرحلة المقبلة المنطقة الصحية الأولى بجبلة.. نحو 70 ألف خدمة في تشرين الأول تفجير المزة.. هل حان وقت حصر السلاح بيد الدولة؟ عودة محطة بانياس.. دفعة قوية للكهرباء واستقرار الشبكة نحو شوارع أكثر نظافة.. خطوات جديدة في حلب