الثورة أون لاين – فاتن أحمد دعبول:
كادت قاعة المعارض في مركز ثقافي الميدان على اتساعها أن تضيق بأرشيف ووثائق عن الزمن الجميل إن كان فيما يخص الأفلام السينمائية أو أرشيف الأغاني، فقد تضمن المعرض صوراً وبروشورات وأفيشات سينمائية وصوراً بالأبيض والأسود، هذا إلى جانب الموسوعات السينمائية لمخرجين سوريين وعرب، ويضاف إليها الأسطوانات القديمة التي تعود إلى عام 1910، وفون غراف” صندوق السمع” وأكثر من ألف صورة تعرض للمرة الأولى، حتى تذاكر السينما كان لها نصيب في المعرض.
وفي لقائه أكد الفنان التوثيقي محمد المصري أن هذا المعرض هو الأول من نوعه على مستوى الوطن العربي والعالم، لأنه حصيلة فترة زمنية بلغت ستين عاماً ويضم جميع الأفلام التي قدمت ما بين عامي 1940 حتى عام الألفين، في سورية ومصر ولبنان.
وبين أن هواية جمع الصور والوثائق بدأت لديه في سن الخامسة عشرة من عمره، كان يقصد دور السينما والمسارح والمهرجانات ويجمع كل هذه الوثائق، ولم يكن الأمر يسيراً عليه، بل كان يلجأ إلى مصادر عديدة، وربما يدفع أثماناً باهظة للحصول على ذاك البروشور أو هذه الأسطوانة أو تلك المعلومات التي تضيف إلى رصيده وتغنيه.
ويقول: كنت أدخر مصروفي كله لأتوجه به إلى بائع الأسطوانات لشراء مجموعة أسطوانات لفنانين قدماء يغنون الطرب الأصيل، وأضعها في منزل خالتي، ولكن والدي عندما لاحظ شغفي هذا اشترى صندوق السمع وطلب مني أن أحضر الأسطوانات لسماعها، وفي ذاك الزمن تعرفت إلى عبد الوهاب وفريد الأطرش وأم كلثوم، حتى أن الجيران كانوا يقصدون منزلنا للاستماع إلى الطرب الأصيل، وهذا بدوره كان دافعاً لي لمواصلة الاقتناء والمتابعة.
أما سر هذا الشغف الذي كان يأسره، فيبوح بالقول: إن الفن هو حياتي، أتنفس من خلاله، وأستمد منه عشق الحياة، وأنا مؤمن بمقولة” جوعني وأطربني” فأنا أملك نصف مليون تسجيل للفن الأصيل، وأكبر أرشيف فني وسينمائي في الوطن العربي، وآلاف الأسطوانات والسيديات في مكتبة كبيرة يتوفر فيها أندر التسجيلات، يؤمها الدارسون وعشاق الفن والهواة من الشباب، ولا أبخل بأي معلومة يمكن أن تساهم في إغناء الذائقة الفنية.
وبدوره ينتقد الكثير من المعلومات المغلوطة التي يكرسها” النت” ويعود إلى الوثائق المكتوبة لديه ليصوب الخطأ، لأن في أرشيفه معلومات وثقت ميدانياً، كان يحضر الفيلم ويسجل أسماء أبطاله وأسماء الأغاني التي كانت تغنى واسم ملحنها وأحياناً كلماتها واسم البطل فيها ودوره، وعندما يريد استكمال معلوماته، يعود لمشاهدة الفيلم مرات ومرات، ليتأكد أن معلوماته التوثيقية صحيحة مئة بالمئة.
وعن طموحه للقادم من الأيام يقول: أتمنى أن تعنى وزارة الثقافة بإنشاء متحف فني يضم كل ما يتصل بفن السينما والغناء أسوة بالكثير من الدول العربية والعالمية، يضم جميع التحف والمقتنيات الفنية التي يملكها، ليتاح فرصة الزيارة لكل من في الوطن العربي، وأقترح فكرة اقتناء منزل عربي قديم يتناسب مع هذه المقتنيات والمؤسفات، وتخصيص أجنحة لكل فنان وتراثه، وأنا على استعداد تام لتزويدها بكل ما أملك من أرشيف.
أبو فريد، وهذا لقبه لا يزال في جعبته الكثير من الأحلام والطموحات في إنشاء معارض كل فنان على حدة “فريد الأطرش، محمد عبد الوهاب، أم كلثوم، وغيرهم الكثير، وعرض خاص بالأسطوانات والوثائق المصورة والمكتوبة، بما يليق بأهميتها وندرتها، ولتعريف الجمهور بما نملكه من ثقافة وحضارة فنية غنية نفتخر بها.
وبرأيه أن الثقافة الفنية والسينمائية لا تقل شأناً عن أي نوع من الثقافات، فهي تعبر عن مرحلة ذهبية من تاريخ أي مجتمع، والأرشيف وثيقة هامة يجب أن تتداولها الأجيال وتحافظ على تراثها من الضياع.