منْ مِنْ أهلنا لا يذكر يوم الثاني من تشرين الثاني عام 1917؟!، بل من منا يستطيع أن يمحو من ذاكرته ما جرى في هذا اليوم؟!، هل هناك حقاً من لم يعرف، أو لم يسمع حتى بوعد بلفور المشؤوم، وما جلبه هذا الوعد الاستعماري من ويلات وخراب ودمار للفلسطينيين؟!.
مئة وعشر كلمات، خطها آرثر جيمس بلفور، وزير خارجية بريطانيا منذ 104 أعوام، ولكن هذه الكلمات لم تكن كلمات عادية، وإنما منح بموجبها أرضاً لا يملكها، لكيانات وتنظيمات صهيونية لا تستحقها، ولا صفة شرعية، أو قانونية لتواجدها على هذه الأرض، طالما أن لها أصحاباً حقيقيين هم الفلسطينيون الذين تم قتلهم، وتهجيرهم، وتشريدهم عن أرضهم، وبدم بارد.
وعد بلفور لم يكن وليد الصدفة، أو وعداً صدر في لحظة ثمالة سياسية بريطانية، وإنما كان هناك العديد من المحاولات لسرقة الأراضي الفلسطينية، وتحديداً في العام 1907، حيث كان ثمة مخطط بريطاني لبحث الإجراءات التي يمكن أن تقوم بها بريطانيا لإقامة وطن للصهاينة في فلسطين المحتلة، وعلى هذا الأساس قامت بريطانيا بدراسات عن إمكانية إنزال أول قوات بحرية بريطانية على ساحل حيفا، وكان ذلك قبل وعد بلفور بعشرة أعوام.
ويبقى السؤال: هل انتهى وعد بلفور حقاً؟!، أم إننا مازلنا نعيش زمن وعود استعمارية أخرى وإن كان تحت مظلة تسميات تلفيقية جديدة، ومزاعم تضليلية بحتة، وعود لا تقتصر فقط على الأراضي الفلسطينية المحتلة وإنما تمتد إلى سورية، ولبنان، والأردن، والعراق، وليبيا،وغيرها الكثير!.
ثم أليس ما جرى منذ 104 أعوام، وما يجري اليوم يؤكد لنا أن بريطانيا، ومعها أمريكا، وكل الدول الاستعمارية، كانت وستبقى عراباً للاحتلال، والإرهاب، والخراب، مادامت هذه الدول وضعت نصب عينيها استيلاب الشعوب، ونهب ثرواتها، واستعبادها حتى؟!.
ولعل الأهم هنا مادامت بريطانيا منحت وعداً لا تملكه أصلاً لمجرمي حرب صهاينة لا يستحقونه أيضاً، وطالما أنها كانت آنذاك قوة انتداب استعمارية لا أكثر ولا أقل، أي إن وجودها على الأراضي الفلسطينية غير شرعي أساساً، وطالما أن المواثيق والأعراف الدولية تقر بحق تقرير المصير، فما الذي تنتظره الأسرة الدولية إلى الآن، لماذا تتعامى عن كل هذه الحقائق، وتتعامل مع الحقوق الفلسطينية المغتصبة وكأنها غير موجودة على الأرض حقاً؟!، وما فائدة كل هذه المجالس، والهيئات الأممية، وكل هذه القرارات، والمؤتمرات الدولية، إذا كانت عاجزة عن سماع صرخة طفل فلسطيني؟!، أو إذا كانت مشلولة كلياً، وليس بوسعها أن تنتفض بوجه المحتلين المارقين، وتحاسبهم على جرائم إرهابهم الأباراتيدية المنظمة؟!.
حدث وتعليق -ريم صالح