الثورة أون لاين:
ما أكثر الحكايات العربية وما أعمق تلك التي ترتدي ثوب المقاومة الأصيلة في النفوس، حتى في زمن الضعف والطغيان الغربي بالسلاح والحصار نرى فعل المقاومة كالخنجر في قلب العدو، وكيف إن كان من يغرسون هذا الخنجر المقاوم هم من الأموات وليسوا من الأحياء.
نعم.. الأموات يواجهون (إسرائيل).. هي حكاية فلسطينية تعلن المقاومة داخل (المقبرة اليوسفية) تحديداً وفيها يحاول المخادعون والمزورون للتاريخ والحقيقة أن يقتلعوا الجذور من ترابها منذ سنوات.. لكنها تقاوم مع من تبقى من أحياء وأغصان يساندونها في المقاومة على طريق الخلاص من المحتل.
يحاول المحتل سرقة كل شيء، التاريخ والأرض.. وانتزاع الأحياء والأموات منها، لم يبق من الأرض والتاريخ ما يمكن إعلان دولة عليه للفلسطينيين، هي فكرة يريد الاحتلال ترسيخها لصبغ الأرض الفلسطينية بصبغة صهيونية محضة في سياق السلوك التهويدي الشاذ للكيان كسياسة ثابتة منذ النكسة.
لكن الثابت أن كياناً يخاف الشهداء بعد موتهم، كما هي القصة في (مقابر الأرقام) ويخاف الأموات في قبورهم وتحت التراب كما هي الحال في (مقبرة اليوسفية) ، لا يمكن أن يهزم شعباً حياً ما زال يُقاوم المحتل، ويقدم الشهداء والأسرى على مذابح الحرية والخلاص من الاحتلال.
هي ليست قصة تهويد أو استيطان أو (حدائق)، هي قصة خوف يسكن في قلب الكيان من أصحاب التاريخ والأرض والآثار، الاحتلال يريد إحكام الحصار على الأقصى عبر بوابة (اليوسفية) فينبش القبور ويبعثر رفات الموتى دون اكتراث لحرمتهم ويغطي جزءاً كبيراً منها بالعشب الصناعي لإتمام عملية طمس معالم فلسطين التاريخية.
العشب الحقيقي سينبت بعد المطر، وستبعث فلسطين حرة من جديد، وهي ليست بحاجة للمجتمع الدولي ومنظماته، فمن الطبيعي أنها لن تحرك ساكناً لأنها مقيدة بأهواء الغرب، وهذا أمر خبره الفلسطينيون الأموات والأحياء، لذلك يعلنون بطريقتهم استمرار المقاومة واستحالة اقتلاعهم من أرضهم من فوقها ومن تحتها في القبور، وهذا أمر ليس مبالغ فيه فمن رأى تلك السيدة الفلسطينية التي تتشبث بقبر ابنها يدرك أن أمثالها لا يمكن اقتلاعهم حتى وهم أموات.
البقعة الساخنة- بقلم: منهل إبراهيم