هي الحياة في كلّ مرّة تأخذ منّا من أحببنا وأسعدنا وأطربنا عبر سنين طويلة بجرعة من الحب والجمال والفن الراقي.
صباح فخري الاسم الأصيل المتربع على عرش الغناء، المرتبط بمسيرة طويلة من الفن الفريد لا يزال صوته يصدح في كلّ مكان فهو المترع بحب الحياة، والمشبع بالألحان والأصالة.
من دمشق التي غنى لها “يا مال الشام” إلى درب حلب المعبّد بشجر الزيتون شُيع الكبير صباح فخري بموكب مهيب يليق بسيد الطرب وأستاذ القدود والموشحات.
هو حالة استثنائية في عالم الفن، تتلمذ على يديه العشرات من الفنانين، تسابق الشعراء والكتّاب للتعاون معه فهو الذي يملك مقدرات صوتية قلّ نظيرها في تاريخ الفن، كيف لا وهو الذي غنّى جميع النوتات الموسيقية والفنية في التراث السوري والحلبي.
سبعون عاماً من الغناء المتواصل لم ينتظر عرفاناً بجميل ولامكافأة من أحد، فالفن كان بالنسبة له رسالة يجب إيصالها إلى العالم كله.
اليوم رحل حارس التراث الذي غنى لابن الفارض والرواس وابن زيدون وابن زهر الأندلسي وتجاوز الأنغام والألحان ليدخل قلب ومنزل كلّ سوري.
رحل ابن سورية الذي قال ذات يوم إن الإذاعة السورية كانت المحطة الأولى في مسيرته، وها هي اليوم تنعيه بألم كبير حزناً على من أدخل في ذاكرتنا فناً أضاف للمخزون الثقافي والفكري في سورية شيئاً لايقدر بثمن.
نعم.. رحل صباح تاركاً أعباء المهمة التي حملها على عاتقه لجيل أحبه وآمن بفنه وموسيقاه، فغاب الجسد وظلّت ترانيم ألحانه وخمرة الحب التي سقاها من شغاف قلبه تنير دروب العاشقين لتراث سورية الحبيبة وفنها الأصيل.
صباح فخري أرقد بسلام فسورية خفق الفؤاد انتصرت، وقلعة حلب الشامخة كانت ولا تزال موسيقى البشر والحجر والحضارة.
رؤية – عمار النعمة