إذا كانت بعض دول العالم كالولايات المتحدة وحلفائها في حلف شمال الأطلسي غير راغبة في التعاون للحدّ من الصراعات والأزمات والحروب نتيجة أطماعها الاستعمارية وتطلعاتها لنهب ثرواتها الآخرين وزيادة أرصدتها المالية على حساب فقر وجوع الشعوب، فإنها بلا شك مضطرة للتعاون في مجالي الأوبئة والأمراض المعدية والتغيّرات المناخية، لأن خطر هذين المجالين محدق بالجميع على السواء، وربما تكون حصة الدول الكبرى من الآثار الكارثية لهذين الخطرين أكبر من باقي الدول النامية والصغيرة، حيث ساوت جائحة كورونا بين أغنياء العالم وفقرائه رغم فارق الإمكانات المادية والتكنولوجية بينهما.
اليوم يستشعر الجميع خطر التغيّرات المناخية التي ستترك آثارها المخيفة على مستقبل البشرية، فالأعاصير والفيضانات والجفاف وارتفاع حرارة الأرض والحرائق والبراكين وبقية الكوارث الناجمة عن انبعاث الغازات الضارة التي تتسبب بها الأنشطة الاقتصادية والصناعية والعسكرية، لم تفرق بين دولة وأخرى أو بين شعب وآخر، ولذلك فإن الدول الصناعية الكبرى مدعوة أكثر من غيرها للتعاون والعمل المشترك وبصورة عاجلة، لأن جميع سكان كوكب الأرض اليوم هم في مركب واحد مهدد بالغرق، مع فارق أن المسؤولية الكبرى تقع على عاتق الدول المسيطرة على الاقتصاد والتجارة العالمية لأن مصانعها ومنشآتها وأنشطتها المختلفة لا تكف عن نفث الكميات الأكبر والأضخم من الغازات المؤثرة في المناخ.
لقد آن الأوان للعقول الانتهازية الغربية أن تكف عن تخريبها للحياة وعبثها بمستقبل هذا الكوكب المتعب، ومن الضروري أن تتضافر الجهود الدولية لكبح جماح وشراهة الشركات الرأسمالية الكبرى التي لا تعير أهمية لحياة البشر ومستقبلهم بقدر ما تهتم بأطماعها وأرصدتها الخاصة، كما يجب توحيد الجهود لفعل ما ينبغي فعله قبل فوات الأوان، فالأرض المرهقة بعبث الشرهين والطامعين من أبنائها تطلق تحذيراتها باستمرار لتجنب المزيد من الضرر والتخريب، وعلى العقلاء أن يتحركوا سريعاً للجم الجنون والعبث والانتهازية، ولا عذر لمتقاعس عن التعاون لدرء الأخطار المحدقة.
البقعة الساخنة- عبد الحليم سعود