البقعة الساخنة – بقلم منهل إبراهيم:
أشد ما ينسف فكرة الحوار وبلوغ الحلول على الصعيد العالمي هو استعداء الآخرين، والطامة الكبرى إن كان هذا الاستعداء مبنياً على تكهنات وفرضيات ضبابية لا أساس لها من الصحة ولا يمكن أن تترجم على صعيد الواقع كما هو واقع الحال في تعاطي الغرب ذي الفكر الاستعماري المتأصل مع أقطاب عالمية كالصين وروسيا.
الغرب المسكون بفكره الاحتلالي والاستعماري يحاول فرض رؤيته ونظرياته ونظامه على بقية دول العالم وهذا أمر مفضوح على الساحة الدولية وأمام عيون أصحاب العلاقة، وغير مجدٍ ولا طائل من وراء السعي خلفه، ويؤسس لصراع قد يكون عاجلاً أو آجلاً مع تسخين في الأجواء كما يحصل اليوم في علاقة الغرب الانتهازي مع روسيا، وبات الوضع ينذر باحتمال تفجر الأوضاع وخروج الأمور عن سياقها الطبيعي حيت تتراكم العلاقات السلبية على وجه التحديد بين موسكو والغرب.
موسكو تراقب بحذر ولسان حالها يقول إن الغرب يجتمع في دوائر ضيقة ويأخذ قضية على جدول أعمال الأمم المتحدة ويناقشها ويضع قواعد لحلها دون أي نقاش حولها مع الدول الأخرى، وترى أن محاولات اختلاق هذه القواعد ومن ثم نقلها كمعيار إلى الآخرين لا جدوى منها، وهذا تقييم دبلوماسي روسي دقيق لواقع الحال وكيفية تعاطي الغرب مع قضايا المنطقة والعالم وعلاقاته مع المحيط.
وعلى هذا الأساس فإن الغرب يرفض أي فكرة للحوار، لا بل يحاول نسف أي حوار مثمر قائم على الندّية والموضوعية، مولداً سلسلة من المواقف والرسائل والسلوكيات الاستفزازية التي تشكل خطورة على السلم والأمن الدوليين، في وقت كان عليه أن يعي أن مثل هكذا سلوكيات قد تقود لمواجهات كبيرة وخطيرة لا تحمد عقباها.
الغرب يرفض وبالتجربة والبرهان الحياة والمصالح مع من حوله على أساس المساواة والمنفعة المتبادلة والسعي لتحقيق توازن في موازين العالم، ويسعى بكل قوة وغطرسة لفرض رؤيته الخاصة والضيقة الخاضعة لمصالحه حصراً .
ما يفعله الغرب الذي يتعامى عن الحقائق والمنطق يحتم المواجهة والرد والفرملة وهو أمر صريح وواجب على جميع الدول المناهضة للفكر الغربي المتحيز والاستعماري، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين دعا بكل وضوح القائمين على الدبلوماسية الروسية إلى العمل على مواجهة المحاولات الغربية للانفراد بالقرارات الدولية وفرض الإملاءات، والرسالة الروسية ناعمة لكنها في الوقت نفسه تحمل قبضة حديدية يجب على الغرب ألّا يستهين بها.