الثورة أون لاين – رنا بدري سلوم:
يستذكرون حرب تشرين التحريرية وكيف عايشوها، كيف رسخت البطولات منذ الطفولة حتى استلهموا منها نتاجاتهم الإبداعية أبحاثا وشعراً وأدباً، وما كان لإعلامنا الوطني إلا رصد وثائق عدّة تؤرخ حرب تشرين التحريرية، كل تلك الإضاءات القيمة تناولها أعضاء اتحاد الكتاب العرب في ندوة أدبية فكرية أقامتها جمعية الشعر في الاتحاد تحت عنوان ” تشرين في الفكر والأدب ” يوم أمس، قدمتها الشاعرة هيلانة عطالله بأسلوبها المتقن شعراً ففتحت أبواب القلوب قبل العقول، لنقف وإياها في محطات توثيقية فكرية شعرية غنّاء تجعلنا نفخر أننا ننتمي لهذا الوطن.
كانت المحطة الأولى مع عضو اتحاد الكتاب العرب الذي شارك في حرب تشرين الباحث نجدة زريقة حيث أكد في محاضرته على الروح الوطنية التي تمثل الشعار في جميع نواحي الحياة مشيراً إلى أننا نعيد ذكرى أيام التصحيح حركة الشعب إلى المستقبل في سورية على أساس التعددية السياسية والحزبية والاقتصادية وديمقراطية المشاركة الشعبية الواسعة على قاعدة تكريس سلطة الشعب والقانون، مستشهداً زريقة بقول القائد الخالد حافظ الأسد: لا يبنى الوطن بالارتجال والفوضى وطرح الشعارات المفرغة من محتواها العملي، إن إصلاح الأمور في الداخل هو قاعدة الانطلاق نحو مواجهة الأعداء في الخارج وإذا كنتم تريدون محاربة الأعداء في الخارج فلابد من المصالحة والوحدة الوطنية فكيف يمكن أن يبنى الوطن وأنتم تجلدون أبناء الوطن”.
وإن كان الجنود الأبطال رفقة السلاح قد عايشوا الحرب فإن الإعلام هو المؤرخ لتلك البطولات ومن هنا كان الدور المهم الذي يلعبه في صناعة الحدث، وهو ما استفاض به الإعلامي الباحث الزميل ديب علي حسن في دور الإعلام في حرب تشرين التحريرية، ففي حرب تشرين لو لم يكن الإعلام تقليديا وكانت الصحافة ورقية، أي لم يكن الفضاء الأزرق لما استطعنا توثيق تلك الحرب، فالإعلام اليوم وكما وصفه سرطان العصر يعمل على الحاضر فيغيره ويشوه الماضي ويضع عينا على المستقبل، ونحن كإعلام وطني نملك وثائق عدّة عن حرب تشرين وقد عرض بعضها حسن في صحيفة الثورة والبعث ومن ثم تشرين التي تعد من منجزات الحرب التي تحدث عنها الإعلام الغربي والإعلام المصري والأردني، فكتب عن كفاءة الجيش السوري، وصمود الشعب إضافة إلى محاولة تضليل الرأي العام عبر الإذاعة الإسرائيلية لمجريات الحرب.
وقد روى الباحث ديب علي حسن مفصلاً حكاية مرصد جبل الشيخ، وحكاية اليوم الأول للتحرير بعدسة الإعلام الوطني تلك الصورة التي أسقطت رهان العدو الإسرائيلي، في التفاصيل لقاء مع أحد أبطال حرب تشرين التحريرية الدكتور سمير جبر وهو أول من وثق بالصورة والمشاهدة مجريات الحرب الذي كان سلاحه عين الكاميرا، يروي مدير التصوير تجربته وكيف استرجعت قواتنا الخاصة مرصد جبل الشيخ منذ اليوم الأول لبدء المعارك مع العدو الإسرائيلي، لم تعترف إسرائيل بتحرير المرصد إلا بعد عرض تحريره على شاشة التلفزيون العربي السوري في اليوم الخامس للمعارك، وفي العرض الدقيق الذي تناوله الإعلامي ديب حسن لمجريات حرب تشرين التحريرية التي وثقتها مادة حقيقية وثائقية من الخطوط الأمامية للجبهة، وهنا يكمن دور الكلمة والصورة في ذاكرة الوطن وإثبات الحقيقة كأهم حاضن لنتاجه على جميع المستويات، وقد أكد الباحث والإعلامي ديب حسن أن الأدب السوري/ الروائي والقصصي / قد كان مقصراً في مواكبة حرب تشرين التحريرية، فالأدب المصري استطاع أرشفة الحرب وتداعياتها، مستشهداً بقول نزار قباني: “كل القطر مسافرة إلى الجبهة إذا لم تكتبوا اليوم فلن تكتبوا أبدا” ، وحتى أننا مقصرون في الاحتفاء بهذه الذكرى الوطنية التي احتفى بها إعلام العدو والإعلام المصري الذي عدها حرب تحريك وليس حرب تحرير، خاتما القول: حرب تشرين مازلنا ندفع ثمنها فكل نصر لا يحسن العرب حمايته ندفع ثمنه غالياً.
وهو ما أكده في ختام الندوة الدكتور محمد الحوراني رئيس اتحاد الكتاب العرب، أن هناك تقصيرا في الأعمال الأدبية نسبة لمستوى حرب كحرب تشرين فلابد من تسليط الضوء عليها، حرب تشرين هي البوصلة أن نتوجه لها على كل الأصعدة ومنها النتاجات الأدبية، فقد وحدت الأمة والبطولات المغربية والمصرية والعراقية وما أنتجته من أدب قد أرّخت أننا شعب واحد في أكثر من دولة مزقتها الأطماع الاستعمارية.
ولابد حين نذكر تشرين يتراءى لنا الشاعر نزار قباني فيكون حاضراً،حيث ألقت الشاعرة سمر تغلبي عضو اتحاد الكتاب العرب في قوافيها “عودة نزار في تشرين”:
هذا نزار يهز الرأس من خلفٍ/يقولُ في ولهٍ، للحرفِ يرتجلُ
أين الزغاريد؟ أين الوجد في مقلٍ/في كحلها المجدُ يشدو الحبّ والأمل
تشرين جاء بتشرين مضاربها/في كل منعطفٍ ذكرى بها ثمل ُ..
ويبقى الوطن كحبيبة لا يمل القلب الكتابة عنها لأنها مداد كل شاعر وهو ما أكده الشاعر غالب جازية رئيس فرع الإعلام في الإدارة السياسية في:
الله يا وطني المكحّلِ بالندى/إنّي أراكَ محلقا بفؤادي
إنْ كنتَ تسألُ عن رجالك والحمى/تلك الجيادُ الرامحاتُ جيادي
من أولِ التاريخِ تسكن في دمي/واليوم تسكنُ أحرفي ومدادي.
وفي مداخلة قيّمة للشاعر العراقي حامد كعيد الجبوري أحد أبطال حرب تشرين التحريرية الذي وثق أيام النضال في إصداراته الأدبية، تحدث مفصلاً عن بطولات الجيش السوري والعراقي والوحدة الوطنية التي تمتع بها الجيشان في ساحة الوغى واللذان لا يزالان حتى يومنا هذا يدفعان ثمن انتمائهما الوطني.