الثورة أون لاين – عمار النعمة:
لاشك أن التصدي للغزو الثقافي والفكري يحتاج لبذل جهود كثيرة ليس على المستوى الفردي فحسب، بل على مستوى كافة فئات المجتمع، والأهم أن ندرك الفرق بين الغزو الثقافي والتعامل مع الثقافات الأخرى، فمواجهة الغزو الثقافي والفكري لا يعني عدم احترام الثقافات الأخرى أو الاستفادة من تطورها وتقدمها في مجالات مختلفة كالتقدم التكنولوجي والعلمي، ولذلك لابد من تطوير الوعي الذاتي لفهم مختلف الثقافات وتقبلها، دون الذوبان بداخلها ومحاكاتها في كل شيء ودون الانسلاخ عن الهوية.
في المركز الثقافي بأبي رمانة أقيمت ندوة ثقافية تحت عنوان:
الغزو الثقافي .. الثقافة ، الفن ، الإعلام نموذجاً … شارك فيها الزميل موسى عبد النور رئيس اتحاد الصحفيين والدكتور سيد حميد رضا عصمتي المستشار الثقافي لسفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في سورية، والمخرج غسان شميط.. وأدار الندوة الإعلامي والشاعر محمد خالد الخضر.
تطرقت الندوة الى ضرورة التفريق بين المثاقفة والغزو الثقافي وإلى دور الاعلام في التصدي للغزو وضرورة دعم السينما لدورها المهم في فضح الاكاذيب الغربية.
رئيس اتحاد الصحفيين موسى عبد النور أكد أن سورية أرض الحضارات والإنسانية قد تعرضت لحرب عدوانية لمدة عشر سنوات ونيف وقد حاول المتآمرون بذل الكثير من الجهود والمخططات لكسر ثقافتها وتراثها العظيم لكنهم فشلوا بفضل إرادة الشعب السوري الأبي الذي صمد وانتصر، وتصدي الإعلام الذي فضح زيفهم وفبركاتهم وأكاذيبهم، مشيراً أن الغزو الثقافي هدفه السيطرة على المجتمع بكل ما فيه وتشويه ثقافته وهذا ما بدا في محاولات تتريك الأراضي التي تحتلها تركيا ومحاولة فرنسة الشعب الجزائري واللبناني لإنهاء منظومة الثقافة العربية التي تشكل خطراً مواجهاً للثقافات الأخرى الغازية.
ولفت عبد النور الى ضرورة مواجهة هذه الحرب والانتباه إلى الغزو الثقافي الذي يستهدف هويتنا، مشيرا أن غياب الهوية يعني الاختراقات الكبيرة للذات ، موضحاً أنه يجب على المثقف القيام بفضح أساليب الغزو الفكري وكيفية مواجهته والقدرة على تحليل الواقع وقراءة المستقبل بدقة والسعي إلى التغيير دوما على المستوى الذاتي والجماعي والوطني.
وأكد عبد النور إلى ضرورة جعل الإعلام الوطني مرجعاً لإمكانية وجود مشروع ثقافي يمتلك قوة بنيوية تشمل حرية المواطن وما يدعم ثقافته إعلامياً وفنياً.
بدوره المستشار الثقافي لسفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في سورية الدكتور سيد حميد رضا عصمتي أكد في مداخلته على أهمية العلاقات التاريخية بين سورية وايران في جميع المجالات، مشيرا أن ايران تسعى لحماية سورية والدفاع عن حقوقها ودعمها ثقافياً إضافة إلى كل ما يمكن تقديمه من مساعدة لها في مواجهة الإرهاب والمؤامرات وأهمها محاولة غزوها ثقافياً نظراً لمواقفها الوطنية الثابتة والعادلة وموقعها الاستراتيجي.
وتحدث الدكتور عصمتي خلال مداخلته عن الفرق بين المثاقفة والغزو الثقافي وضرورة التفريق بينهما ومعرفة الصديق من العدو والعمل على تربية ثقافية تدفع المجتمع لتعامل صحيح يبعده عن أي خلل يمكن أن يسبب لبلده ووطنه خسارة.
أما المخرج غسان شميط فتطرق إلى الغزو الثقافي بوصفه أخطر أنواع الحروب لأنه يهدف إلى احتلال العقل وقد يبدأ من تقديم الافلام والمسلسلات التي لا تشبهنا بل تسيء بشكل أو بآخر لأولادنا وبنيتنا الاجتماعية، مؤكداً على أهمية دعم السينما لتكون الأفلام الوطنية في المقدمة لأن ما تقوم به الدول الغربية وخاصة أمريكا في كثير من أفلامها يستهدف تشويه الثقافة العربية ولاسيما سورية التي تعتبر الدولة الأكثر مواجهة للعدو المحتل وللغزو الثقافي والإرهاب..
الشاعر الإعلامي محمد خالد الخضر الذي أدار الندوة لفت إلى أن الغزو الثقافي والفكري من أخطر الإشكاليات التي نواجهها على مر التاريخ البشري ، مشيراً أن الخسائر التي تحدث عادة فيه أعمق بكثير من الغزو العسكري مثلا ، أو من الغزو الاقتصادي، مسلطاً الضوء على الروابط بين الأسس الثقافية بمختلف اصنافها وضرورة دعم الانتماء الوطني.