يوم غدٍ الاثنين نحن على موعدٍ جميل مع نفحاتٍ عربية، ورنين مصطلحات لا تزالُ تملأ القلوب حباً وأملاً، على الرغم من محاولات تغييبها.. بل نسفها وإلغائها من قاموس حياتنا وإحياء عوضاً عنها مصطلحات متناقضة تعاكسها وكانت كفيلة – لو استطاعت – أن تدفنها لتغدو أثراً بعد عين.
مصطلحات تعطشنا إلى سماعها وتداولها.. صحيح أنها توارت وكادت أن تُنسى غير أن الجواهر تبقى جواهر.. والأصل لا يبور.
غداً وسط نفحاتٍ تنادي بالعمل العربي المشترك.. وبالتكامل الاقتصادي العربي.. والتكاتف.. والتلاحم العربي.. ينعقد في دمشق المؤتمر الرابع للمدن والمناطق الصناعية العربية الذي يستخدم بقوة هذه المصطلحات التي لا تحرك المشاعر فقط وتنبض لها القلوب شوقاً وحباً، وإنما تبعث على الكثير من الآمال القادمة كي يستفيق العرب من سُباتهم بعد أكثر من عشر سنوات هبّت فيها عواصف الخداع من أعداء العرب والوعود الخلبيّة بربيع عربي مزعوم كاذب يقوم على تدمير العرب وسحق إمكانياتهم البشرية والاقتصادية، وضربهم ببعضهم البعض كي يبقوا صنيعة لمطلقي تلك العواصف الخريفية اليابسة والتخريفية البائسة.
هذا المؤتمر الذي ينعقد تحت شعار (الاستثمار في المدن والمناطق الصناعية العربية ودوره في إحداث نقلة نوعية في استراتيجية الصناعة العربية) وفي دمشق تحديداً بزخمٍ قومي واضح، يؤكد كم كان مهماً ودقيقاً ثبات سورية في حربها على الإرهاب ومشغليه، لأنها على الرغم من كل الخراب والدمار الذي ألحقوه بها وباقتصادها، بقيت ثابتة على المواقف الأساسية، ولم تتخلَّ يوماً عن تأكيد أهمية التلاحم العربي، وحتمية الحفاظ على الهوية العربية، وها هو مؤتمر الغد يؤكد وبكل وضوح صحة ما ذهبت إليه سورية، ويؤكد أيضاً أن صبرها على الملمات والضيم لم يكن من فراغ، فهي تدرك جيداً وتلمس وتؤمن بجوهر الحقائق غير القابلة للتغيير، فالهوية العربية حقيقة غير قابلة لأي تغيير مهما حاولوا إيهامنا بعكس ذلك، وهاهم غداً قادمون من أصقاع البلاد العربية – وبكل ترحاب – ليناقشوا تشجيع الاستثمارات في قطاع المدن والمناطق الصناعية العربية من خلال تسليط الضوء على التجارب الناجحة وحوافز الاستثمار الممنوحة وتشجيع المستثمرين ورجال الأعمال العرب للاستثمار على أراضي المدن الصناعية العربية وبما يخدم الاقتصاد العربي والتكامل الاقتصادي العربي.
والاتحاد العربي للمدن والمناطق الصناعية المنبثق عن مجلس الوحدة الاقتصادية العربية يدعم هذا التوجه بقوة ويعرض خدماته أمام الفعاليات الاقتصادية العربية للمساعدة في طرح الحلول لمجموعة المعوقات التي تواجه تطور الاستثمارات العربية، وتقديم نماذج ناجحة عن سبل الاستثمار في قطاع المدن والمناطق الصناعية العربية، وعلى الرغم من كل ما حصل فإن النموذج السوري في هذه المدن اعتبرته أوراق المؤتمر من أكثر النماذج نجاحاً، كما سيطرح المؤتمر دور المؤسسات التمويلية والتأمينية، وضرورة إيجاد السبل الصحيحة والسليمة لحركة الأشخاص ورؤوس الأموال وانعكاس ذلك على الاستثمار العربي.
إنها لمبادرة ذهبية وأصيلة تبعث في قلوبنا تفاؤلاً بربيع عربي حقيقي بعد طول قحطٍ وجفاف.
على الملأ – علي محمود جديد