بعد أقل من عامين على انتشار فيروس كوفيد -19 واجتياحه أربع جهات الأرض دون أن يفرق بين دولة وأخرى وشعب وآخر، وتسببه بوفاة أكثر من خمسة ملايين إنسان وما يقرب من 300 مليون مصاب حتى اليوم، حيث عاشت البشرية حالة من الرعب والخوف انعكس انهياراً صحياً في دول متقدمة وانهيارات اقتصادية في دول أخرى بسبب تزايد عدد الضحايا والمصابين قبل أن يتم إنتاج لقاحات للوقاية منه، حذرتنا بالأمس منظمة الصحة العالمية بانتشار الموجة الرابعة من الفيروس تحت عنوان “أوميكرون”- وهو متحور جديد من الفيروس- ما يعني العودة إلى اتخاذ إجراءات وقائية أشد من قبل الدول التي وصلها المتحور، الأمر الذي يعني إغلاق حدود وحظر سفر إلى جانب إغلاق اقتصادي والتشدد في حملات التلقيح بحيث تصبح إلزامية.
المفارقة هنا أن البشرية، بالرغم من خطورة الفيروس ومتحوراته وزيادة عدد الإصابات والوفيات، ما زالت في جدل عقيم حول حقيقة الفيروس ومدى خطورته، حيث تكثر الشائعات والمعلومات المتضاربة ويكثر التوظيف السياسي، فبينما بدأت الدّول المُتقدّمة بإعطاء مُواطنيها الجُرعة الثّالثة من اللقاح، بعد أن تلقى أكثر من 80 بالمائة جرعتي لقاح، فإنّ عدد الذين تلقوا الجرعة الأولى في دول العالم الثّالث لا يتجاوزون ال 7 بالمائة فقط من السكان، وهذا يعود بالدرجة الأولى إلى استشراء نظرية المؤامرة وعدم الثقة باللقاحات المنتجة حتى الآن والتأثر سلباً بما ينشر من معلومات غير مدققة على وسائل التواصل الاجتماعي.
في كلّ الأحوال، الوباء بات أمراً واقعاً وخرج من كونه حرب بيولوجية مسيسة، بدليل أعداد ضحاياه المتزايدة في الدول الغربية واكتشاف المزيد من متحوراته الخطيرة “دلتا وأوميكرون”، وهو ما يفرض وعياً مجتمعياً أكبر لمواجهة مخاطر الوباء، لجهة تلقي اللقاحات التي تتبناها الجهات الصحية المختصة والتزام أعلى درجات الوقاية المعلن عنها من قبل هذه الجهات.
ففي أوروبا تتجه العديد من الدول إلى تجريم عدم تلقي اللقاح، وهناك من يعتقد أن من يُعارض اللّقاح لم يَعُد يُواجه الموت فقط، وإنّما يُعرّض أرواح الآخَرين للخطر، ونشر الفيروس على نِطاقٍ واسع أيضاً، ومن الضروري والملح أخذ الأمور بجدية ووعي أكبر لتجنب المزيد من التداعيات غير المتوقعة.
البقعة الساخنة -عبد الحليم سعود