للوهلة الأولى قد يبدو الأمر مستهجناً للغاية ويثير كثيراً من التساؤلات لانطباعات ومشاهد عدة يرصدها كل من يدخل الأسواق بحكم التسوق الذي لم يعد يشكل المتعة لأي مواطن كما قبل ، بل بات عبئاً وهماً يومياً لتلبية متطلبات واحتياجات المعيشة اليومية ، حتى ولو بأبسط أشكال تأمين تلك الاحتياجات التي تفوق كلفتها المادية قدرة المواطن ودخله المادي بكثير جداً .
إذ بات المنحى التصاعدي لارتفاع الأسعار ولمختلف أنواع السلع والمنتجات غذائية أو استهلاكية مشهداً متكرراً ويومياً يؤرق بال المواطن ويشتت تفكيره في كيفية التعود وتقبل تلك الحالة بالاستغناء عن الكثير من الاحتياجات والاكتفاء بالنذر القليل الذي يسد به رمقه اليومي ، حتى مع ماتفرضه الحاجة لتلك المتطلبات كونها من الأساسيات المعيشية وليست من الكماليات أبداً .
والملفت في ذلك أن تلك الأسواق اختلفت عما كانت عليه وأينما وجدت سواء أسواق نظامية كانت أم عشوائية وفي مختلف المناطق ، فلم يعد ارتفاع السعر فقط هو العلامة الفارقة ، بل يعكس الحال العام لها مشاهدات وعلامات فارقة جداً حيث الفوضى والعشوائية والتباين الواضح جداً في الأسعار بين محل وآخر وبين سوق وآخر وحتي في السوق نفسه ، علماً أن السلعة هي ذاتها بالشكل والمضمون .
إضافة لعلامة أخرى وهي عدم الاهتمام بالعرض والطلب ، أو بجودة السلعة ومطابقتها المواصفات النظامية ، وتناسب سعرها مع تلك المواصفات ، حيث الغاية الأساسية ليست الجودة في المنتج وإنما الربح والجشع والتنافس لمزيد من الفائدة المادية على حساب مواطن بات لاحول له ولاقوة في مواجهة كثيرين من الباعة غابت عنهم الرحمة والضمائر .
وبما أن ضبط الاسواق ومراقبة الأسعار موضوع تؤكد عليه الجهات المعنية بشكل مستمر ولاسيما منها المهتمة على حد اختصاصها بحماية المستهلك ، وتنظيم ضبوط المخالفات بحق المخالفين للتعليمات والشروط والتقيد بالأسعار ، وغير ذلك من المخالفات والتجاوزات .
فأين هي تلك الجهات الرقابية من متابعة حال فوضى الأسواق وتجاوزات الكثيرين واحتكار واستغلال ، ومخالفات واضحة ليس فقط في الأسعار وإنما بغياب الجودة وحتى الشروط الصحية لكثير من المنتجات والسلع ، حيث غياب الحماية بالشكل المطلوب للمستهلك تموينية كانت أم صحية يبدو أيضاً علامة فارقة أخرى.
حديث الناس -مريم إبراهيم