بعض الأشخاص يشعرك وجودهم باكتمال الأشياء، والحياة بحدّ ذاتها..
هل الحب سوى شعورٍ بالاكتمال..؟
احتاجتْ وقتاً لتدرك أن النقصان هو من طبيعة الأشياء.. ولن تكتمل سواء بحضور من نحبهم أو بعدمه.
ماذا لو كان وجودهم يؤكد الإحساس بعدم الاكتمال..؟
ألا يزداد، حينها، مخزون “الوجع” لدينا..؟
فيما مضى كانت تتملكها الحيرة، وشعور عميق واخز بالعجز يدوّخها، حين تبتغي تقشير طبقات الوجع عن قلبها..
وكلّما اعتقدت أنها أزالت إحداها تعود لتتكاثر من جديد إلى ما لانهاية.
مع الوقت ابتكرت أساليب ووسائل عدة، لترويض وجعها.
برشاقة عالية بدأت تتفنن بتخمير أوجاعها، وكأنها تطبّق مقولة فيلسوفها المحبّب نيتشه: “إذا قررت تقليل درجة الألم البشري فأنت أيضاً تقلل قدرة البشر على الشعور بالمتعة والسعادة”..
هكذا امتلكت مهارة المقايضة، وبمقدار ما تزداد آلامها، تتيقن أنها على موعد مع أفراحٍ غير مدركة.. فمن يتقن مصادقة أوجاعه لا يغلبه أي شيء..
لكن ما العمل حين يأتيك الوجع متنكراً بوجهٍ من سعادة..؟
وكيف لوجه من تحبّ أن يحمل النقيضين معاً..؟
كيف تمتزج الأشياء وتختلط الأحاسيس وصولاً إلى نقطة عدم القدرة على الفرز أو الفصل..؟
كل الخطأ كان بعدم القدرة على الفصل بين “الأنا” خاصتنا، و”أنا” الآخر.
بالنسبة لها، لطالما آمنت أنهما كيان متماهٍ.. وبالتالي تتعاطى مع الآخر/المحبوب على أنه ذاتها التي تحبّ أن تراها ماثلة أمامها بأبهى هيئاتها..
كيان واحد.. تجتمع فيه تناقضات متكاملة.. أو تتكامل فيه الاختلافات والتناقضات.. بحيث تصبح قناعة (اختبار العالم من وجهة نظر الاختلاف) هي قانون الحب المسيطر في هذا الكيان.
كل هذه القناعات لن تمنع أن يأتيك الوجع متنكراً بوجهٍ من سعادة..
بمعنى أن ثمة وجهاً إيجابياً غير ظاهر فيها..
للوجع فضائلُ.. أبرزها أنه يجعلنا نبصر أعمق نقطة في “الأنا” من زاوية رؤية مختلفة.. ندرك ذواتنا في أبسط وأصدق هيئاتها دون رتوش الأفراح المؤقتة.
للوجع فضائل.. وأجملها صقل أرواحنا وجعلها ذات بريق يتوهج من قنديل الألم الصافي.
رؤية -لميس علي