بقلم أمين التحرير- ناصر منذر
القرار الباطل الذي أصدرته حكومة الاحتلال الإسرائيلي في الرابع عشر من كانون الأول في عام 1981 بضم الجولان السوري المحتل، كان تعبيراً مفضوحاً عن الأطماع الصهيونية التي لطالما شكلت هاجساً ومطمعاً بالنسبة لحكام ومنظري كيان الاحتلال نظراً لموقع الجولان الاستراتيجي المهم، ورغم أن هذا القرار قوبل برفض دولي واسع، إلا أن سلطات الاحتلال وبدعم أميركي وغربي تجاهلت المنظمات الأممية وقراراتها، ولاسيما قرار مجلس الأمن رقم 497 الصادر في 17 كانون الأول عام 1981 الذي يعتبر أن قرار الاحتلال بفرض القوانين والولاية القضائية وإدارة الجولان السوري المحتل، لاغٍ وباطل وليس له أثر قانوني دولي، فمع كل إدانة أممية وقرار لمجلس الأمن ضد كيان الاحتلال لعدم امتثاله حتى الآن لقرار الانسحاب من الجولان السوري، تتمادى حكومة العدو الصهيوني باعتداءاتها وإجراءاتها التعسفية على الأرض، لتكريس واقع الاحتلال.
منذ اللحظة الأولى لاحتلال الجولان عام 1967، عمدت سلطات العدو إلى تدمير وجرف ما يقارب مئتي قرية ومدينة ومزرعة كانت آهلة بالسكان من السوريين الذين تم تهجيرهم قسراً بفعل العدوان الإسرائيلي، لتبدأ المخططات لإقامة مستوطنات على أنقاضها بالظهور على الفور، مترافقة مع سلسلة لا منتهية من الإجراءات التعسفية، وعمليات التنكيل بحق أهلنا الصامدين، وحملات المداهمة والاعتقال بحجج وذرائع مختلفة، وصولاً للاستيلاء على المزيد من الأراضي الزراعية لتوسيع الاستيطان، وآخرها العمل على ما يسمى مشروع التوربينات الهوائية، الذي يهدف لمصادرة أكثر من ستة آلاف دونم من الأراضي التي تعود ملكيتها لأبناء قرى مجدل شمس وبقعاثا ومسعدة وعين قنية وتهجير السكان من منازلهم وأراضيهم.
اليوم وفي الذكرى الأربعين للقرار الصهيوني الباطل، يجد المحتل الإسرائيلي نفسه في مواجهة إرادة شعب لا يستكين مهما طال الزمن، فالتمسك بالأرض والهوية لم يغيره أي قرار أو إجراء أو قانون، وقد سبق أن تجلت مقاومة قرار الضم المشؤوم بالإعلان في الرابع عشر من شباط عام 1982 عن إضراب وطني استمر ستة أشهر، ما أدى إلى شلل كامل في مختلف مناطق الجولان المحتل، إضافة إلى خروج مظاهرات عارمة في مختلف قرى الجولان للتعبير عن الرفض القاطع لهذا القرار العنصري وهو الأمر الذي ردت عليه قوات الاحتلال بحملات قمع ومداهمات واعتقالات طالت العشرات من أبناء هذه القرى، لتتواصل بعدها مقاومة أهلنا في الجولان لكل إجراءات الاحتلال الباطلة، وقد أعلنوا في أكثر من مناسبة ووثيقة وطنية موقفهم الثابت بأن الجولان المحتل هو جزء لا يتجزأ من أرض سورية، وبأن الهوية السورية صفة ملازمة لهم لا تزول وهي تنتقل من الآباء إلى الأبناء.
سورية لطالما أكدت على الدوام أن حقها باسترجاع كامل الجولان السوري المحتل حتى خط الرابع من حزيران لعام 1967 غير قابل للتصرف وغير خاضع للتقادم، وهي لن تتوانى اليوم عن بذل الغالي والنفيس من أجل تحرير الجولان وإعادته إلى حضن الوطن.