الثورة- فردوس دياب:
تعبرنا احتفالية (اليوم العالمي للغة العربية) ومعها الغصة التي سببها استهتار الكثير منا بالقيام بكل مايلزم لحماية وصون هذه اللغة الاعجازية والإبداعية التي تعبر عن هويتنا وانتمائنا لهذه الأرض.
في الحديث عن إبداع وتفرد لغتنا العربية يطول ويطول وقد نحتاج إلى بحور من الكلمات والمفردات لنعبر عن حقيقتها وجماليتها، فهي التي تتفرد بغزارة ألفاظها ومعانيها وقدرتها العالية على التعبير وإيصال ونقل الاحاسيس والمشاعر، وملامستها شغاف القلوب دون استئذان، وهي شكلت بالنسبة للمفكرين والعلماء والباحثين فضاءات واسعة يبحرون في أعماقها، ويتنقلون ويسافرون بين أنوار وجمال كلماتها وحروفها المشعة كالنجوم والكواكب دون كلل أو ملل.
لغتنا العربية هي من أقدم اللغات الموجودة على الأرض، فقد تحدَّث بها العرب القدامى منذ آلاف السنين، لذلك فإن جذورها ضاربة في عمق التاريخ، وثمارها تعانق وتطاول السماء والنجوم، ولطالما رسمت حروفها أجمل المعاني وأجمل الحكايا، ولطالما صورت لنا أجمل الاحاسيس والنبضات، فقد كانت ولاتزال لغة الحب والعشق، ولغة الشعراء الذين صاغوا بكلماتها أعظم الملاحم الشعرية عبر مر التاريخ.
إنها لغة الاعجاز والبلاغة التي فجرت داخل المبدعين والكتاب والشعراء ينابيع الابداع والجمال، إنها اللغة التي تمثل هويتنا وانتماءنا وتاريخنا وحضارتنا، لذلك نجد أنفسنا معنيين ومسؤولين على الحفاظ والمحافظة عليها من كل الانتهاكات التي تتعرض لها يومياً، سواء تلك الانتهاكات الحاصلة دون عمد أو عن جهل أو تجاهل من قبلنا.
فلنبدأ من داخل بيوتنا ومدارسنا وجامعاتنا التي اجتاحها الطوفان الثقافي واللغوي الغربي ودون ان نحرك له ساكناً، بل إن بعضنا ساهم بفتح آذان وأبواب القلب والعقل له، فأصبح الذي يتكلم من أبنائنا بلسان عربي فصيح متخلفاً ومكروهاً، وأصبح الذي يلملم كلمة أجنبية من هنا وكلمة من هناك هو المتحضر والمحبوب.
إن مسؤولياتنا في الحفاظ على لغتنا العربية باتت كبيرة جداً وكل بحسب دوره وموقعه وإلا فلن نستطيع مواجهة هذا الاجتياح الثقافي للغات الأخرى التي باتت تفرض نفسها واقعا حياً على موائدنا الاجتماعية والثقافية.
ستبقى لغتنا العربية موحدة لنا وحاضنة لأحلامنا وطموحاتنا، وستبقى شئنا أم أبينا أمانة في أعناقنا لا بد لنا أن نحميها ونضخ في شرايينها وعروقها كل مقومات وجودها وبقائها، بقدر ما هي كانت ولاتزال وستبقى حاملة لوجودنا وقيمنا وهويتنا.