الثورة – علاء الدين محمد:
ابن سحيم الدمشقي كما يحب أن تناديه .. عاش في دمشق .. تألم لآلامها وفرح لفرحها .. عشق هواءها وماءها وترابها ..كتب أعذب الكلمات والمعاني .. شاعر عربي عرفته المنابر الأدبية بجرأته وعنفوانه ومواقفه المقاومة .. سلاحه وعطره الكلمة .. غير آبه بما تتقاذفه الألسن .
معه كانت لنا هذه الوقفة
* الجرح الفلسطيني حاضر في مجمل كتاباتك..؟
أول الأنفاس، وليس لأنّها فلسطين، بل لأنّها الواثقة بالجغرافيا والتاريخ والإنسان، وهي التي تناديني، فأجمع أمطار الكلمات وأركض بين سنابل المعاني أردّد معها ولها:
فمن هذا الذي يأتي على عَجلٍ/
فقد قامت مواجعنا من الهتك الذي يسري على دمنا/
ومادت هذه الأرض غداة رؤوسنا انكسرت/
من هذا الذي يأتي على عَجلٍ/
نحن اليوم في دِفلى مرارتنا/
تفرقنا رؤوس الحيّة السبعة/
وتحملنا رياح الموت من منفى إلى منفى.
*لديك مجموعة شعرية بعنوان (أنا الآن أعمى ) مليئة بالرموز والآلام والدلالات .. ؟
مجموعة شعرية امتهنت رتق المعاني .. واغتصبت الكلمات لتركض في حقول الوجع الانساني ، ناثرة إيقاعها المجنون غير آبهة لما تتقاذفه الأفواه ، مدحا أو ذما ، فما زلت أرى أن الينابيع لا تسأل العطاش عن أسمائهم أو ألوانهم .
* تقول لا تقتلوني مرتين .. يكفيني جنح حمامة .. طارت بفطرة قلبها .. ثم ارتمت .. لمن توجه هذا الكلام .. ؟ وما سبب هذا الألم كله ؟
هنا وبعد انقطاع مطر الكلمات وغياب السعادة وانتشار الضباب الأسود كان لا بدّ أن أعود من مواتي الأول إلى مواتي الثاني.. من طفولة قضيتها أركض مثل الرجال إلى كهولة تريد أن تقتل الطفل الذي في الروح وتسحب من ذاكرتي جميع دفاتر العمر فوجدتني أصرخ عالياً ” لا تقتلوني مرتين” ولمن أراد الإبحار فإن موج القصيدة واسع العين ويستطيع…
-* في سياق بعض قصائدك لقبت نفسك ألقاباً غريبة “أحدب الشام” “الشيطان الرحيم” “العقرب الأحمر ” ماتعليقك..؟
الضلع الرابع المفتوح، حديقة جميع مقاعدها قديمة العهد، فلا بدّ من أحدب مفتوق النواة يصدّ أسراب الهواء الأسود ولا بدّ من شيطان رحيم أمام جبروت الواقع ولا بدّ من عقرب أحمر أستعيره لأجمع شمل إنسانية الإنسان كما يجذب الكوكب المعلق في المدى جميع كواكب هذا الكون، ولا بدّ من لقب نهائي يقول اسمي وكيف أنتسب..
* -ألقيت قصيدة بحضور الإمام الخامنئي ..هل بدا عليك الارتباك ..؟
الصف الخامس الدّري، وأنت لست على ما يرام، شعراء بلا أقدام لا يستطيعون الوقوف بل كيف لي أن أتلو القصيدة جالسا، فكنت أن وقفت وفككت أسر ناقل الصوت المربوط إلى عصاه فنفرتُ من اختناقي الأول إلى اختناقي الثاني أمام هالة الحاضرين فبدت البحيرة والشلال وكان لنهر ارتباكي ما أراد..
-* كيف تقيم المشهد الثقافي في سورية. ؟
ولسادفة المعاني ما أرادت، وأنتم أصل الأوتار
المقطوعة وبلاء الخشب الناعم، فهذه الألقاب التي ترمونها على وجوهنا أصل خراب الثقافة، وما كان العرب يوما ينادون الشعراء إلا بأسمائهم أو ألقابهم كأن يقولوا: في الباب جرير أو النفري أو المتنبي ولا يأتي الإقرار بالشاعرية إلّا بعد الرحيل فأنا ممن يخافون جدا هذه المفردة اللعينة، ويسعى لبلوغها بعد الموت، ثمّ إن الاطمئنان لا يأتي من القريب ” فكل شاة مربوطة من عرقوبها” وكلّ مجتهد ” بتينه يسطح” زمن الخبراء والمستشارين هو زمن سياسي بامتياز أما في الشعر فهذا البيت لي وليس ومن فضل مقلاتي وما سكبته من تدفقات ولكل نبع ما يشاء وما يشي..
_ هل نالت تجربتك الإبداعية حقها من النقد والمتابعة ..؟
السابغة الجوف والدلالة والمعنى والعاقرة الحبر والمشرط والنائمة باطمئنان أخبرتني منذ زمان بعيد بوعورة الطريق أو التحليق أو الهذيان، فهذي القصائد ليست لهم ولا لمغارة عقولهم التي حفظت عن ظهر قلب ما الأدب الغربي أو الشرقي الشمالي ، وهنا لا تستطيع الأفواه أن تتفكهن لأن الصورة مغايرة، وكذا ترتيب النجوم، وكذا يكون للجديد والحديث ما صام عنه النقاد أيام حياة النفري ، وما جادت به معارفهم بعد حين من زمان..