الثورة – حسين صقر:
لا يمر يوم إلا ونسمع به عن شيء جديد، اختراع كان أو ظاهرة أو مرض، لأن بحار العلم كثيرة وعبورها أمر صعب المنال.
فإذا كنا نتحدث عن أمراض لم نسمع بها من قبل، فهي تلك الأمراض النفسية والاضطرابات التي نصادف مصابيها والمبتلين بها، وهي عادة تتشابه في الأعراض وتختلف بالتفاصيل والجزئيات، من هذه الظواهر والاضطرابات ما يسمى ب ” وهم فريجولي” وهو عبارة عن اضطراب يصيب بعض الأشخاص ويجعلهم في حالة من الشك بمن حولهم، حيث يخيل لأولئك أن العالم كله، والناس من حوله، أصدقاء وأقارب وزملاء العمل، وكل شخص يتعامل معه، هم عبارة عن شخص واحد فقط، ولكنه متنكر في أوجه عدة، ويتنكر في أشكال وألوان وشخصيات لخداعه، ويعتقد المصاب بهذه المتلازمة أن كل هؤلاء الذين حوله شخص واحد، يتنكر ساعياً لإيذائه هو شخصياً، وهذا سبب تنكره في عدة شخصيات مختلفة.
الاختصاصيون في علم النفس يؤكدون أن هؤلاء المصابين، و بعد ملاحظة الحالات يعتقدون أن أي شخص يمكن له أن يتنكر في عدة أشكال وشخصيات، ويصل باعتقاده وتفكيره أن الإنسان قادر على تغيير شخصيته.
ويقول الدكتور منيب الشعراني الاختصاصي بالأمراض النفسية ومعالج لبعض حالات الوهم المذكورة:
جاءني أحد المرضى يقول: جميع من حولي هم شخص واحد يقوم بتغيير ملابسه باستمرار ويرتدي أقنعة مختلفة، وهو ما يؤكد شعور المريض أنه في حفلة تنكرية بطلها واحد، لذلك يجد صعوبة في استيعاب أو إدراك ما يحدث حوله، ويظن أنه يعيش برفقة إنسان واحد في هذا العالم.
ويضيف الشعراني
ومن ذلك لو أخبرت المصاب أن البائع ذكر ولا يمكن أن يتجسد في شخصية والدته، يجيب بأنه يعلم مدى براعة وذكاء والدته اللذان يجعلانها تتحول لذكر وبائع بدون مجهود، ويعتقد أنه شخص محل اضطهاد من شخص بعينه، وأن هذا الشخص يتنكر في عدة شخصيات أخرى محاولاً إيذائه، وأنه يتبعه في كل مكان.
وأوضح الاختصاصي النفسي، لقد تم التعرف على المرض من حوالي مئة عام أو أقل، أي في عام ألف وتسعمئة وسبع وعشرين وتم التعرف عليه عن طريق طبيبين، وكانت قصة تعرف العالم بمتلازمة فريجولي عندما عرضت حالة لفتاة لامرأة شابة من باريس كانت مصابة بالمرض، حيث أكدت الفتاة إلى الأطباء النفسيين أن هناك ممثلتبن من ممثلات المسرح يطاردنها وهما متنكرتان في شكل غير شكلهم، أي في شكل الأشخاص الذين تعرفهم وتقابلهم، وأنهما تطاردنها حتى في صورة غرباء، حتى الناس في الشارع والأطباء والزملاء في العمل، ومنذ ذلك الوقت تم رصد حوالي أكثر من خمسين حالة من هذا النوع.
وكان من بين الحالات التي تم رصدها كذلك حالة طفل في عمر عشرة أعوام، كان يعتقد أن بمقدور والده أن يتنكر في عدة شخصيات مختلفة ومتعددة، وأنه يمكنه أن يتنكر في صورة نساء ورجال، وأنه ذكي بما يكفي ليظهر في صورة ممرضة أو معلمة.
كذلك قصة فتاة أصيبت بسكتة دماغية وبعد الشفاء اعتقدت أن حبيبها السابق وحبيبته الحالية يتنكران في عدة شخصيات تلاحقها لتمنعها من أن تخبر الناس عن علاقتهم السابقة، وأنهما يمكنهما تغيير ملابسهم وشكلهم وجنسهم، وأنهم يستأجرون البيوت من حولها ليراقبوها ويطاردوها.
وشرح الشعراني أن هذه المتلازمة مرتبطة بمتلازمة كابجراس، والتي يعتقد المصابون بها أن كل من حوله من الأهل والأقارب قد تم استبدالهم بشخص محتال، وتلك المتلازمات يرى الأطباء أن سببها أو جزءاً منه على الأغلب هو الإصابات في الدماغ سواء السكتة الدماغية أو الحوادث أو الشيخوخة أو الزهايمر، أو أحد الأمرض النفسية المزمنة، وقد يكون السبب تناول الأدوية الخاصة بالأمراض العصابية النفسية، والشلل، وإصابات الرأس.
وعن أعراض متلازمة فريجولي تحدث
في معرض الإجابة عن ماهيتها حيث يرافقها اضطراب في الوعي، وحالة الهذيان، وفقد الذاكرة سواء بشكل مؤقت أو طويل المدى، ومشاكل في الذاكرة البصرية، ونوبات من الهلاوس البصرية والهلع لفترات طويلة، ونوبات خوف وقلق.
وختم الشعراني يشمل علاج المصاب بالعلاج السلوكي النفسي المعرفي، والعلاج بالعقاقير والأدوية، كما ينقسم السلوكي إلى قسمين: العلاج السلوكي الإدراكي للوهم وإعادة هيكلة معرفة الأعراض والتعامل معها، وجلسات العلاج النفسي.
بالإضافة لاستخدام العقاقير من مضادات الذهان وعقاقير الاكتئاب والقلق والأدوية التي تعمل على التهدئة، وتعتمد الجلسات النفسية مع المريض على مناقشته وتبصيره وتقديم المعلومات له.