كنت قد امتنعت عن الاستيقاظ باكراً مع ولدي، بعد أن كبرا، ليتدربا على الاعتماد على نفسيهما، ومواجهة المشكلات البسيطة، فيتدرجا بالتدرب لحل جميع ما يعترضهما في مسيرة حياتهما.
اليوم عدت ليس للاستيقاظ فقط وإنما لتحضير شيء يأكلانه ويشربانه، ومرافقتهما الى الباب وسؤالهما إن كانا يحتاجان شيئاً، وكل ذلك في محاولة مني لدعمهما في مواجهة اليوميات الصعبة التي يعيشانها، لا مواصلات، لا تدفئة، لا مال للخروج ولقاء الأصدقاء والصديقات.
آباء كثر يقفون عاجزين أمام احتياجات أبنائهم وبناتهم، التي تبدأ من الطعام، لتنتقل الى اللباس وكلفة الدراسة، من محاضرات وأدوات رسم وغيرها، لن نقترب من الرفاهية، ففي هذه الأيام وجبة غذائية ساخنة هي رفاهية للكثيرين والكثيرات، إن لم نقل لغالبية الأسر.
أبناؤنا الذين عاشوا يفاعتهم هاربين وهاربات من موت محتم، يعيشون شبابهم في حرمان مقيت، لا حذاء بنوعية جيدة، لا لباس أنيق، ولا مصروف يكفي للخروج الى حفلة موسيقية في دار الثقافة، أو متابعة مباراة رياضية، أو جلسة سمر في دمشق القديمة أو غيرها من الأماكن التي يهواها الشباب.
اليوم بعد أن انتصفت الحياة الجامعية لولدي أنتظرهما عند باب البيت، كما ودعتهما في الصباح، لنستطيع معاً مواجهة هذا الضيق والحرمان.
لم نعد نثق بتوفر مساحات آمنة لأبنائنا، ثمة تحديات كبيرة يواجهونها، على موقف الباص، وفي ساحة الجامعة، علينا أن نجعل البيت أمانهم بما بقي لدينا من قوة الحب والاحتمال والاحتواء.
بحديث ومسامرة ربما، بسخرية ومرح أحياناً، أو بصحن طعام دافىء، لعل هذا الضيق يمضي بأقل الخسائر ويعودون لحياة تليق بهم أكثر إنصافاً.
عين المجتمع – لينا ديوب