يقول آدم سميث الاقتصادي البريطاني في كتابه ثروة الأمم: “لا يمكن الحديث بإصلاح ضريبي ما لم نمهد له الأرضية الصلبة ونُقر بأن أول أركانه العدالة الضريبية”.
إذاً لابد من القواعد وأولها كما قلنا العدالة الضريبية وثانيها الوضوح بكل حيثيات الضريبة إلى آخر تلك القواعد المعمول فيها في معظم دول العالم.
مرد كلامنا هذا هو ما أثاره إعادة نشر قرار كان قد أصدره وزير المالية الحالي منذ عام والذي اعتقد الكثير ممن قرأ أو نشر هذا الخبر بأنه جديد لتشكيل لجنة مهمتها دراسة النظام الضريبي ومراجعة التشريعات الضريبية النافذة واقتراح التعديلات اللازمة في إطار رؤية الإصلاح الضريبي، وهذا يدل بما لا يدعو مجالاً للشك بأن تلك اللجان التي يتم تشكيلها تُراوح مكانها وكل جديد فيها إضافة اسم جديد لخبير اقتصادي.
فلو أن تلك اللجنة كان لها أي أثر خلال عام مضى من تشكيلها خاصة وأنها عقدت أكثر من ٦ اجتماعات وفق قرار اللجنة، لكُنا على الأقل لمسنا وسمعنا بعض النتائج ولم يقع الكثيرون باللغط حول كونها لجنة جديدة.
المشكلة أنه تم تشكيل ذات اللجنة في زمن الوزير السابق وكل ما فعلته دراسة تجارب الدول المجاورة بمسألة الاصلاح الضريبي وانتهت كما بدأت دون أيّ نتائج تذكر.
اليوم وبعد عام على تشكيل اللجنة المذكورة يسأل مراقب ماذا أضافت؟ وهل لديها تصور لعملية الاصلاح الضريبي في ضوء التشريعات الحالية ؟ وهل بالإمكان إجراء هذا النوع من الاصلاحات الهامة ؟ وهل يجب أن ننتظر سنوات للحصول على مخرجات فاعلة على الأرض؟.
اللافت أن معظم اللجان التي يتم تشكيلها لإجراء أي اصلاح تبقى مجرد حبر على ورق ويتم تدويرها من حكومة إلى أخرى والبدء بها من نقطة الصفر وكأن تلك اللجان لم تفعل فعلها !! على مبدأ ” إذا بدك تفشل اعمل لجنة “.
الإصلاح الضريبي لا يمكن أن يتم دون إعادة هيكلة الضرائب لرفع كفاءة التحصيل بشرط ألا تمس الطبقات الفقيرة وأصحاب الدخل المحدود، فتوسيع الأوعية الضريبية يعني أن نحقق عدالة ضريبية.
والعدالة الضريبية ليست ضرباً من الخيال بل هي قيد التحقيق في الكثير من الدول التي تعي معنى الضريبة اجتماعياً والمساواة من خلال اخضاع جميع المكلفين بمركز اقتصادي واحد إلى عبء ضريبي متساوٍ.
وحتى لا نبخس وزارة المالية جهدها الأخير من خلال التحصيلات المالية التي وصفت بالجيدة، إلا أنها ما زالت في بداية الطريق لجهة تصويب تلك الضريبة والتوجه نحو الأثرياء الجُدد الذين حققوا أموال طائلة خلال سنوات الحرب، هذا ما نأمله جميعاً لتحقيق العدالة الضريبية فهل تُعيد وزارة المالية توجيه البوصلة بالاتجاه الصحيح؟.
الكنز – ميساء العلي