افتتاحية الثورة – بقلم رئيس التحرير – أحمد حمادة:
كلنا يذكر كيف أبادت الطائرات الأميركية المعتدية مدينة الرقة خلال الحرب على سورية، وكيف حولتها إلى ركام، والحجة قصف تنظيم “داعش” المتطرف، وكلنا يذكر كيف قتلت القنابل الأميركية، التي ألقيت فوق قرية “طوخار” شمال مدينة منبج عام 2016، مئة وعشرين قروياً، وبالذريعة ذاتها، أي ملاحقة عناصر “القاعدة” المتطرفين.
كلنا يذكر كيف تستر البيت الأبيض على جريمته النكراء في “طوخار”، ولم يهتز رمش القضاة الأميركيين آنذاك، رغم تبجحهم المزعوم غير مرة بمحاكمتهم لجنودهم الذين ارتكبوا جرائم بحق الإنسانية في أفغانستان والعراق، وظهر لاحقاً أنها مجرد محاكمات صورية، لا تسمن الضحايا ولا تغني من جوع العدالة.
من هذه المقدمة المختزلة جداً نستطيع الغوص في أعماق بحار الجرائم الأميركية بحق السوريين ومحيطاتها، ونستخرج الآلاف منها، بل عشرات الآلاف، فهل نبدأ من اعترافات “البنتاغون” بقتل آلاف المدنيين السوريين تحت ستار الخطأ غير المقصود مرة، وقصف المتطرفين أخرى، ومن أجل “حماية” النفط ثالثة؟ أم نوثق لآخر جريمة ارتكبتها واشنطن في الجزيرة السورية حين وزّعت قواتها المحتلة بذور قمح مسمومة، لتؤدي إلى تدني المردود الإنتاجي ولضرب الاقتصاد السوري، وتدمير الأمن الغذائي لشعبنا، في أخطر عملية إرهاب اقتصادي ترتكبها واشنطن بحق الآخرين؟ لا بل إن المفارقة الصارخة أن البيت الأبيض سوّق جريمته تلك بأنها “هبة من الشعب الأميركي”، كعادته في الترويج لحماية حقوق الإنسان، ودسه السم الزعاف في ثناياها.
سلسلة الجرائم الأميركية بحق السوريين تحتاج إلى مجلدات لعرضها، وربما لو عرضت على موسوعة “غينس” للأرقام القياسية لاختطفتها الموسوعة على الفور، وتربعت على عرش معلوماتها، من احتلال للأرض بذرائع ما أنزل الله بها من سلطان، إلى السرقة الموصوفة للنفط والقمح والثروات بحجة حمايتها من “داعش” وتوزيعها على المحتاجين، إلى تدمير المدن والقرى فوق رؤوس أهلها.
من إبادة الآثار وضرب التراث ومحاولة تدمير الحضارة السورية، إلى تهجير السوريين والتركيز على استنزاف أدمغتهم وكفاءاتهم، إلى تأسيس تنظيمات الإرهاب ونشرها، وبث الفوضى الهدامة، واستخدام الأسلحة المحرمة، وترتيب مسرحيات “الكيماوي” وقتل الأبرياء، واقتلاع الأشجار وحرق المحاصيل.
بالوثائق، وما أكثرها، بالصور ومقاطع الفيديو وما أكثرها، بشهادات المنظمات الحقوقية العالمية، بتقارير المؤسسات الدولية وما أكثرها، نجد أن جرائم أميركا بحق السوريين فاقت خيال حتى منتجي أفلامها الهوليوودية، فإن تحدثنا عن جرائم الحرب، والجرائم بحق الإنسانية، وجرائم الإبادة الجماعية، فلن نتوقف، وإن تحدثنا عما يسمى “قانون قيصر”، والعقوبات والإجراءات القسرية أحادية الجانب، لتجويع أبناء شعبنا، ومحاربتهم في لقمة عيشهم وحبّة دوائهم، فلن نجد لها مثيلاً على وجه البسيطة.
لم يتركوا جريمة حرب إلا واقترفوها، من دعم للتطرف والإرهاب وتحريض على العنف والكراهية، إلى التدمير الشامل، وبعد كل هذا الدمار والخراب، والجرائم التي ارتكبتها أميركا بحق السوريين، يأتي بايدن وجيمس جيفري وغيرهما لينظّروا على العالم، ويحاضروا بالإنسانية، وأنهم غزوا أرضنا لحمايتنا، والدفاع عن حقوقنا، وأنهم يحملون إلينا الهبات لإنقاذنا، والهدايا لرسم البسمة على وجوه أطفالنا!.