الأدب الوجيز.. وحداثة الإبداع السائلة

الثورة – رشا سلوم:

بدأت منذ فترة ليست بعيدة تظهر مصطلحات وتسميات متعددة لألوان أدبية وإبداعية مختلفة منها القصة القصيرة جداً وقصة الومضة وغيرها..
ما اقتضى أن ينبري النقد لمتابعة هذه المصطلحات الجديدة وقد ظهرت كتب كثيرة تعنى بهذا الأمر.
مجلة الموقف الأدبي التي يصدرها اتحاد الكتاب العرب خصصت عدديها لشهري تشرين الثاني وكانون الأول لدراسة الأدب الوجيز.
شارك بالعدد مجموعة كتاب ونقاد وقد كتبت السيدة فلك حصرية رئيس التحرير افتتاحية العدد تحت عنوان.. قديم متجدد.. وضم العدد مجموعة دراسة تناولت الظاهرة من جوانب مختلفة.. منها دراسات أحمد علي هلال، ودكتور أحمد علي محمد، ودكتور بلال عرابي، وتوفيقة حضور.. ودكتور حسين جمعة الذي كتب تحت عنوان.. ما يسمى الأدب الوجيز إشكاليات وأوهام. وكتب رياض طبرة.. الأدب الوجيز قديم يتجدد..
وكتب ديب علي حسن.. الأدب الوجيز.. حداثة الإبداع السائلة.
نقتطف منها..
(يروى أن كاتباً غربياَ مشهوراً كان قد أرسل لناشره كتاباً، وبعد أن تمت الطباعة والتوزيع أرسل برقية عاجلة ليس فيها كلمة واحدة إنما فقط حرف استفهام (؟) وكان أن تلقى الجواب بالطريقة نفسها حرف تعجب واحد..
لم يذهب بعيداً المؤلف في السؤال برقية اكتملت بالسؤال من خلال الإشارة.. وكان الجواب محملاً بالإيجاب والدهشة والإعجاب من انتشار الكتاب..
هل يمكن الحديث هنا عن أدب المراسلات الوجيزة حد إنها تكاد لا تكون إلا بياضاً، ومن ثم هل يمكننا أن نذهب بعيداً في تأويل رسالة المؤلف ورد الناشر؟
بالتأكيد يمكن ذلك ويمكن لمن يريد أن يغوص أن يحلل الكثير ولكن هل الرموز وحدها لغة الاختزال التي تحمل بعضاً من دلالات وسيمائيات الإبداع فيما تبطنه؟
ماذا عن الأمثال الشعبية التي ابتكرها الإنسان منذ أن وعى أن البلاغة في الإيجاز..
وفي أدبنا العربي تراث ثرٌّ وهائل من الأمثال التي تختزل حكاية ما أو تقدم خلاصة تجربة حياتية خيراً أم شراً..
الأمثال التي تطورت لتكون خزان الاختزال الفكري سواء كانت فصيحة أم لا.. رافقها على التوالي لون آخر لا يقل حضوراً ..ونحن نقول لمن يقدم الجواب فوراً إنه سريع البديهة ونعني هنا الأجوبة المسكتة التي تبدو كما لو أنها برقية حروفها من نار، وقد درست هذه الظاهرة الدكتورة منيرة أبو فاعور في كتابها المهم الأجوبة المسكتة.. وفي كتاب أخبار النساء لابن قيم الجوزية تقع على العشرات من هذه الأمثلة.. ومنها مثلاً أن امرأة ليست جميلة وقفت بباب عطار فنظر إليها وقال؛ وإذا الوحوش حشرت.. فردت على الفور والسياق نفسه: ضرب لنا مثلاً ونسي خلقه…
وقس على ذلك الكثير الكثير.. وفي تراثنا العربي باب الطرفة والنوادر والملح وقد وضعت أيضا كتباً كثيرة تجمع الملح والنكت والنوادر ومنها كتاب المستطرف للأبشيهي..
وقد تطور هذا اللون وانتشر حتى أصبح فناً يبدع فيه عبد القادر المازني وكثيرون..
والنكتة أو الطرفة فن سريع الإيقاع موجز يعتمد على المفاجأة المدهشة التي لا تتوقعها، وبالتالي هو اختزال سريع لكنه ثرُّ الدلالات..
وفي الشعر العربي أيضا نقع على أبيات مفردة لا تكاد تجد لها أخوة، وإذا ما كانت فهي غير حاضرة لأن البيت الذي نردده قد الوظيفة تماماً.. ومثل ذلك قول الشاعر:
تدس إلى العطار سلعة أهلها
وهل يصلح العطار ما أفسد الدهر..
وبالوقت نفسه قد نقتطف بيتا أو عدة أبيات من قصيدة طويلة لشاعر مشهور وتكون القصيدة أيضا جميلة لكن السائر على ألسنة الناس منها بيت أو عدة أبيات مثل قصيدة أبي القاسم الشابي إرادة الحياة..
من منا لا يردد قول :
إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلابدَّ أن يستجيب القدر..
ولن ننسى أيضا أن بعض الشعراء أجادوا التكثيف حسب مقتضى الحال وهذا كثير في الشعر العربي.. تفرضه ضرورات الموضوع مثل ما قاله بشار بن برد بجارته رباب..
رباب ربة البيت تصب الخل بالزيت
لها عشر دجاجات وديك حسن الصوت..
خلاصة هذا كله..
أن الأدب الوجيز ليس بدعة جديدة ولا يمكن أن يكون كذلك ولست ممن يرون أن التسمية قد تكون مناسبة تماماً.. فرضتها وقائع التحليل والنقد ولكن لا يعني أنها بهذا المصطلح تجعل هذا اللون من الأدب منبت الجذور كأنه ولد بين ليلة وضحاها..
الأدب أو الإبداع الوجيز فرضته الحاجة بالضرورة منذ أن كان الإبداع فهو في الشعر والقصة والرواية.. ظروف ومتغيرات الواقع الاجتماعي أدت إلى فورة ما فيما توهم الكثيرون أنه إبداع..
ولاسيما مع انتشار التقنيات الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي.. وهنا نشير إلى أن لوناً إبداعياً ولد في اليابان سمي رواية المحمول.
وطبعا الأمر غير النشر الإلكتروني رواية المحمول لها شروطها وقواعدها وترسل فصولها كبرقيات للمشتركين حسب الفترة المحددة.. وكون الشيء بالشيء يذكر يجب أن نشير إلى أن الكثيرين من هواة العبث بالأدب توهموا أنهم قادرون على تقليد فن الهايكو الياباني وبذلك اعتقدوا انهم يكتبون أدباً جديداً يصب أيضا فيما سمي الأدب الوجيز.

آخر الأخبار
وزارة الثقافة تطلق احتفالية " الثقافة رسالة حياة" "لأجل دمشق نتحاور".. المشاركون: الاستمرار بمصور "ايكو شار" يفقد دمشق حيويتها واستدامتها 10 أيام لتأهيل قوس باب شرقي في دمشق القديمة قبل الأعياد غياب البيانات يهدد مستقبل المشاريع الصغيرة في سورية للمرة الأولى.. الدين الحكومي الأمريكي يصل إلى مستوى قياسي جديد إعلام العدو: نتنياهو مسؤول عن إحباط اتفاقات تبادل الأسرى إطار جامع تكفله الإستراتيجية الوطنية لدعم وتنمية المشاريع "متناهية الصِغَر والصغيرة" طلبتنا العائدون من لبنان يناشدون التربية لحل مشكلتهم مع موقع الوزارة الإلكتروني عناوين الصحف العالمية 24/11/2024 رئاسة مجلس الوزراء توافق على عدد من توصيات اللجنة الاقتصادية لمشاريع بعدد من ‏القطاعات الوزير صباغ يلتقي بيدرسون مؤسسات التمويل الأصغر في دائرة الضوء ومقترح لإحداث صندوق وطني لتمويلها في مناقشة قانون حماية المستهلك.. "تجارة حلب": عقوبة السجن غير مقبولة في المخالفات الخفيفة في خامس جلسات "لأجل دمشق نتحاور".. محافظ دمشق: لولا قصور مخطط "ايكوشار" لما ظهرت ١٩ منطقة مخالفات الرئيس الأسد يتقبل أوراق اعتماد سفير جنوب إفريقيا لدى سورية السفير الضحاك: عجز مجلس الأمن يشجع “إسرائيل” على مواصلة اعتداءاتها الوحشية على دول المنطقة وشعوبها نيبينزيا: إحباط واشنطن وقف الحرب في غزة يجعلها مسؤولة عن مقتل الأبرياء 66 شهيداً وأكثر من مئة مصاب بمجزرة جديدة للاحتلال في جباليا استشهاد شاب برصاص الاحتلال في نابلس معبر جديدة يابوس لا يزال متوقفاً.. و وزارة الاقتصاد تفوض الجمارك بتعديل جمرك التخليص