فادي الخوري بين الوظيفة الجمالية والاستعمالية للفن..

الثورة – أديب مخزوم:

يجمع الفنان التشكيلي فادي الخوري في تجاربه المتواصلة، بين النحت والرسم، وفي منحوتاته الخشبية والحجرية، يتجه نحو الصياغة التعبيرية المبسطة، التي تهتم بإبراز الفراغ في حيز الكتلة، فالمنحوتة عنده تتشكل بخيالات مختلفة تقترب من الواقع أو تبتعد عنه، حسب معطيات الكتلة الخام وحسب الموضوع المطروح، وحسب درجة الانفعال لديه، فالالتفافات السريعة والسطوح الخشنة هي أقرب إلى الحركة العاطفية من التموجات البطيئة والسطوح الناعمة، التي يأخذنا إليها أحياناً بنوع من الشاعرية والرومانسية.
هكذا يبحث عن الحركة النحتية الحديثة في جذوع الأشجار، وقد يأخذها كحركة خام ثم يشذبها ويحولها إلى تآليف فنية.
وبمعنى آخر يرى أن الطبيعة تحتوي على معطيات فنية رائعة ،والأفضل أن نستفيد من تشكيلها البكر.
وفي معارضه المشتركة والملتقيات عرفناه كنحات واقعي وتعبيري وتجريدي.
ولاسيما من ناحية إبراز التجسيم الكتلوي، وإيقاع الحركة لوجوه أنثوية محاطة في أكثر الأحيان بتشكيلات تجريدية.
وفي منحوتات أخرى يذهب في اتجاه مغاير، حيث يقدم عناصر جمالية قادرة على الدخول في وسائل الاستعمال اليومية (مقاعد وكراسٍ وكل مايمكن أن يدخل في إطار الإستعمال اليومي) ويضيف إليها عناصر إنسانية وحيوانية وغيرها منحوتة بطريقة فنية وليست تجارية، وبذلك يجمع بين النواحي الجمالية والأستعمالية في العمل الواحد ( قياسات كبيرة ومتوسطة ).. وهذا يخرج أعماله من الجمود والرتابة والترداد الرتيب، ويقربها من الناس من مختلف الأعمار والمستويات الفنية والثقافية.
إنها أعمال فراغية تثير التساؤلات، لأن التشكيل البصري المطروح هنا، يدخلنا في جوهر الحالة الرمزية للتكوين التعبيري والتجريدي ( على اعتبار أن المقعد وغيره) هو عمل تجريدي، مرتبط بإيقاعية التشكيل العفوي والتلقائي ( من خلال الإبقاء على ألوان الخشب الخام وتموجات العقد وغيرها).
وفي أعماله النحتية التي تتركز حول الوجوه والأجساد نلاحظ ضربات الأزميل السريعة والمباشرة. وهذه الضربات الفنية العفوية مرتبطة بتداعيات الحالة الداخلية العاطفية، وهي تبحث عن الغنائية النحتية (النقش في إيقاعاته العفوية) وما يمكن تسميته بالمنطق العفوي والروحي في صياغة المنحوتة الحديثة.
حتىإأنه أحياناً يترك التشققات لغاية جمالية حديثة، وهو بذلك يبرز رغبة للتخلص من التقنية الكلاسيكية الناعمة، ليس إلا لغة نحتية حديثة تبحث عن المعطيات الجمالية الأكثر تحرراً، من المباشرة التقريرية والخطابية، في الوقت الذي يبدي رغبة في العودة إلى الصياغة الواقعية بين الحين والآخر ( مثل عمله النصبي الكبير المقدم لمجلس مدينة تدمر).
وهو إذ يترك بعض التآكلات أو التشققات ظاهرة على منحوتته، فإنه يقول لنا أنها تشكل عودة إلى بدائية التاريخ وخشونته الأولى، كما أنها تعبر عن العمق الآخر للتجربة وتعابيرها التشكيلية الحديثة والمعاصرة، على اعتبار أن النحت والرسم البدائي هو الأكثر حداثة.
تتحول منحوتاته كما أشرنا، من الشكل التعبيري الذي يلامس الواقع،إلى التكوين الحديث، الذي يهتم بإبراز حركة الكتلة في الفراغ. وعلى هذا الأساس تحمل منحوتاته جرأة خاصة، وهي تعبر عن ثقافته البصرية، وعن شتى المشاعر والأحاسيس العميقة التي يعيشها أثناء إنجازه عمله.
ولوحات فادي الخوري وقعت في المساحة التعبيرية والسوريالية وتمثلت فيها الحرية بوضع اللون وتحريك الخطوط، التي تحدد الأشكال وتطلق العفوية بوضع البقع أو المساحات اللونية، والبحث عن صياغة تشكيلية معاصرة، أسست لهويته الفنية المستقلة، وذلك باسلوب يتجه إلى العفوية في توليف الوجوه والأجساد بطريقة خيالية في فسحة المنظر وضمن حركة الغيوم، ورغم عفوية اللوحة تبدو أعماله مشغولة بمثابرة وجهد بعيد عن التدقيق والتكلف.
وتأتي الاختصارات الشديدة لتلتقط حركة الأشخاص المنسابة مع مياه الشلال في إحدى لوحاته، لتؤكد نزعته السوريالية، من خلال معالجات اختزالية تعطي الأجساد ليونة خاصة، أكثر حيوية وأكثر طراوة وعفوية وخيالية، حيث أتجه نحو استخدامات تشكيلية جديدة، جعلت الحوار البصري أكثر حداثة، والحركة الداخلية أكثر اتجاهاً نحو الاختصار والتبسيط.
وإبراز مدى علاقة هذه التداعيات بأسلوبه الفني، الذي يفتح مساحات لوحاته على احتمالات تعبيرية وخيالية للوصول إلى تداخلات عفوية تعبر عن تحولات وجماليات فنون العصر، ولقد ركز لإظهار رشاقة وحيوية حركة النساء والوجوه في الفضاء، وهذه العناصر والمناخات تبرز في لوحاته بصورة دائمة.
فادي الخوري من مواليد دمشق 1968، وهو من الفنانين السوريين القادمين من محترفات كلية الفنون الجميلة – قسم النحت عام 1991 ، وحائز على عضوية اتحاد الفنانين التشكيليين منذ 1995، شارك في العديد من الفعاليات والملتقيات، وحاز على عدة جوائز وشهادات شرف تقديرية.

آخر الأخبار
"المركزي" كوسيط مالي وتنظيمي بين الأسر والشركات  "وهذه هويتي".. "حسين الهرموش" أيقونة الانشقاق العسكري وبداية الكفاح    إصدار التعليمات التنفيذية لقرار تأجيل الامتحانات العامة   لبنان يعلن عن خطة جديدة لإعادة النازحين السوريين على مراحل لاستكشاف فرص التعاون والاستثمار.. الحبتور يزور سوريا على رأس وفد رفيع قريبا  2050 حصة من الأضاحي لأهالي ريف دمشق الغربي "أطباء درعا" تقدم الأضاحي عن أرواح شهداء الثورة   التربية تشدد على التنسيق والتأمين الكامل لنجاح امتحانات2025 ضخ المياه إلى شارع بغداد بعد إصلاح الأعطال الطارئة أعطال كهربائية في الشيخ بدر.. وورش الطوارئ تباشر بالإصلاحات الجولات الرقابية في ريف دمشق مستمرة لا قضيّة ضد مجهول.. وعيونهم لا تنام الأدفنتست" تعلن بدء مشروع "تعزيز سبل العيش" في درعا "تاريخ كفر بطنا ".. خربوطلي : من أقبية الفروع الأمنية بدأت رحلتي  نيويورك تايمز: المقاتلون الأجانب بين تقدير الثورة ومخاوف الغرب سوريا تستعد للعودة إلى نظام "سويفت" بعد عزلتها المالية مفوضية اللاجئين تُعلن وقف دعم اللاجئين السوريين في لبنان الخير يعم بصفاء النفوس أجواء العيد.. إشراقة فرح تتحدى الظروف الوزيرة قبوات عن حادثة حماة: حماية الطفل مسؤولية وواجب وطني