الثورة – تحقيق – فادية مجد:
أثار موضوع إعادة هيكلية الدعم والنظر به من جديد واستبعاد شرائح معينة منه العديد من الآراء المختلفة بين مؤيدين كثر لتلك الدراسة، وآخرين قلة رافضين لها بشكل جزئي وهم الفئات المستبعدة من الدعم، وبين من له وجهة نظر مختلفة ترى أن الحل بتحويل الوفورات المالية نتيجة رفع الدعم عن فئات معينة إلى مبالغ مالية توزع على الأسر المستحقة والمحتاجة.
الثورة استطلعت آراء عديدة من أبناء محافظة طرطوس ومقترحاتهم بقرار إعادة هيكلية الدعم والذي سيصدر قريباً وكان الاستطلاع التالي:
*إعادة الهيكلية ضرورة..
المدّرس “فوزي أحمد” قال: هناك فئات في مجتمعنا ليست بحاجة وهم أثرياء، ومن غير المنطقي أن يحصل هؤلاء على دعم حكومي رغم بساطته،
كما أن ما يتم توفيره من رفع الدعم عنهم يمكن الاستفادة منه بدعم الشرائح المحتاجة بشكل أكبر وهي كثيرة في مجتمعنا بشرط أن يتم تقييم وضع العائلات بشكل صحيح لتحديد الفئات التي تستحق الدعم.
واقترح “أحمد” بهذا الخصوص بأن يكون الدعم مالياً وليس عينياً، عن طريق تشكيل لجان في الأحياء والقرى تتولى مهمة توزيع المستحقات المالية على الأسرة المستحقة في منازلهم تجنباً للازدحام والفوضى مقابل مبلغ مالي بسيط كأجر لهذا العمل.
*تحويله لمبالغ مالية..
“عبير محمد”، موظفة قالت: أنا مع إلغاء الدعم كله عن المواد التموينية والمحروقات، وتحويل تلك الوفورات المالية لزيادة رواتب الموظفين أو كبدل مالي لكل مواطن في سورية يعمل أو لا يعمل، وهنا يشتري المواطن مواده التموينية من الأسواق، وهنا ستنشط حركة الأسواق التجارية ويصبح التنافس بين أصحاب المحال وشركات الاغذية لجذب الزبائن والكل سيسارع لخفض أسعاره ليكسب زبائن أكثر، مبينة أن كل تلك الدراسات لن تنصف بشكل دقيق، ولن ترضي الجميع ولن يكون في إعادة هيكلية الدعم عدالة حقيقية.
*رفع الدعم بشكل جزئي..
المهندس “سامي ضيعة” عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة طرطوس وخازن صندوق تقاعد التجار قال:
أؤيد رفع الدعم عن الشريحة التي أنتمي إليها بخصوص المواد الغذائية (رز ، سكر ، زيت ، خبز ، شاي)، ولكن بالمقابل أنا ضد رفع الدعم عن تلك الشرائح المستبعدة فيما يتعلق بالمحروقات، لأن سعرها بالأساس غالي الثمن.
*الدعم هدر للوقت..
وعبّر صاحب أحد المشافي الخاصة في مدينة طرطوس عن استغرابه من كل الدراسات التي تتعلق برفع الدعم عن فئات معينة، مؤكداً أنه ليس مع الدعم كله، وطالب بإلغاء الدعم، وتقديم التعويض المالي بدلاً عنه كما هو حال بعض الدول المتحضرة، والمحتاج الحقيقي يعطى بدلاً نقدياً، بدل كل تلك الدراسات والخطط وهدر الوقت.
* يحتاج لدراسات مستفيضة..
بدوره الصحفي “عبد العزيز محسن” رئيس تحرير موقع بانوراما سورية قال: من الصعب التكهن والحكم الدقيق على محتوى الدراسة لعدم وجودها فعلياً بشكل رسمي حتى الآن.
وأضاف “محسن”: أعتقد أن نسبة الخطأ والارتياب ستكون كبيرة في النتائج، فالمعايير التي يتم اعتمادها في تقييم الأشخاص في مدى أحقيتهم بالدعم من عدمه ليست عادلة أو منصفة برأيي الشخصي، وخصوصاً للشريحة ذات المستوى المعيشي دون المستوى الوسط وأعلى من الضعيف وفق التصنيف المتعارف عليه، فليس كل من امتلك سيارة موديل أحدث من 2008 مثلاً هو ميسور الحال، فقد يعجز قسم كبير منهم عن تعبئة خزانها من الوقود أو القيام بصيانتها، كما أنه أيضاً ليس من امتلك منزلين في المحافظة الواحدة هو ميسور الحال، مشيراً إلى أن هناك الكثير من الأمثلة لأشخاص يمتلكون عدة منازل ولديهم عدد كبير من الأولاد، ولكن أعمالهم متوقفة ومدخولهم محدود وربما المنازل هي لأبنائهم في المستقبل، وأيضاً على صعيد المهن هناك مهن كثيرة يشكو روادها من القلة والعوز، فليس كل صاحب عمل خاص أو مهنة أموره المادية جيدة، والتعميم خاطئ هنا.
وقدم محسن مقترحات وهي ضرورة تكليف جهات عامة أو خاصة أو مشتركة متخصصة وموثوقة بإجراء دراسات مستفيضة ومسوحات اجتماعية جديدة شاملة عن حال العائلات من حيث عدد الأولاد والعمر والمراحل الدراسية والوضع الاجتماعي والصحي وغير ذلك، بحيث تتقاطع نتائج هذه المسوحات مع بيانات ومعلومات أخرى متوافرة عن الحالة المادية للشخص والأسرة، وربطها بالوضع الاقتصادي والمعيشي العام في البلد، ومن بعدها يتم تقييم وضع هذا الشخص واتخاذ القرار المناسب من حيث إبقائه تحت مظلة الدعم أو خروجه منها، وهي عملية ليست سهلة وتحتاج إلى تأنٍ وصبر ودراسات مستفيضة ودقيقة.
*في دول العالم..
أما نقيب أطباء طرطوس الدكتور “يوسف مصطفى”، فأوضح أنه في كل بلاد العالم الدعم مخصص للأشخاص الذين لا يعملون، والذين هم بحاجة ماسة، أما أن يوزع الدعم للجميع فهذا أمر يسيء إلى ما يسمى بالعدالة الاجتماعية، مبيناً أن رفع الدعم يجب أن يكون عن شخص مقتدر مادياً، ولا يتأثر برفع الدعم عنه، وإعطاؤه لشخص آخر هو بحاجة شديدة له، ولهذا فإن إعادة هيكلية الدعم والنظر فيه من جديد هو واجب الحكومة بغية إيصال الدعم لمستحقيه الحقيقيين.
* الأطباء ليسوا متساوين مادياً..
ولفت الدكتور مصطفى “إلى أنه فيما يخص الأطباء، الحكومة افترضت أن كل طبيب اختصاصي يزوال المهنة لأكثر من عشر سنوات هو في وضع جيد،ولن يتأثر برفع الدعم عنه، وقد يكون في ذلك جزء من الحقيقة، ولكن بالتأكيد ليس الجميع في وضع جيد، لذلك نرى أنه لا بد من انتقاء القسم المقتدر من هؤلاء لرفع الدعم عنهم وليس الجميع، مع إبقاء فرصة لكل طبيب يثبت أن وضعه سوف يتأثر برفع الدعم عنه ليعاد الدعم إليه.
وتساءل د. “مصطفى” قائلاً: هل كل شخص لم يسحب الدعم منه هو في وضع أقل اقتداراً من الأشخاص الذين تم سحب الدعم عنهم، بمعنى أن المعايير التي وضعت هي غير دقيقة، مؤكداً أنه لو كان هناك جباية ضريبية صحيحة ربما لكنا أكثر دقة في عملية فرز من يستحق الدعم، مطالباً الحكومة بتأمين المواد التي سوف يسحب الدعم عنها بسعرها الرسمي وألا تبقى للسوق السوداء، وأن يكون برنامج الدعم إن صح تسميته مرناً بحيث يعاد الدعم لمن يسوء وضعه والعكس صحيح.
*خطوة مهمة..
من جهته الدكتور في كلية الاقتصاد في جامعة طرطوس “ذو الفقار عبود” أشار إلى أن الدراسة التي أعدتها اللجنة الاقتصادية لرفع الدعم عن الشرائح ذات الدخل العالي هي خطوة مهمة وفي الاتجاه الصحيح، ويجب أن تستكمل باستبدال الدعم السلعي بالدعم النقدي وعلى أساس عدد أفراد الأسرة مع مراعاة معدل الإعالة وفي نفس الوقت إعفاء الحد الأدنى اللازم للمعيشة من ضريبة الدخل كونه ليس دخلاً وإنما أجر لازم للحد الأدنى من تكاليف المعيشة.