تداعيات الهجوم الذي شنه إرهابيو داعش على سجن الثانوية الصناعية بحي غويران في الحسكة، ما زالت تأخذ أبعاداً أخرى تؤكد أن هذا الهجوم معدٌّ له أميركياً لتنفيذ أجندات تدميرية بحجة ملاحقة الإرهابيين الفارين من السجن، وهذا ما اتضح من خلال قصف طيران الاحتلال الأميركي مبنى رئاسة فرع جامعة الفرات، وعدة نقاط في محيط الصوامع بمركز حبوب غويران، غداة تدمير هذا الطيران مبنى المعهد التقني بالكامل في مدينة الحسكة، فضلاً عن نزوح آلاف الأهالي من منازلهم بحيي غويران والزهور، ما يعني أن إدارة بايدن حسمت خيارها لجهة تبنيها استراتيجية أكثر عدائية تجاه سورية، ترتكز في جوهرها على مواصلة الاستثمار في الإرهاب، و”داعش وقسد” أحد أخطر أدوات تلك الاستراتيجية.
أميركا ما زالت تكذب على العالم بأنها تحارب “داعش”، ولكنها في الواقع تحتضنه وترعاه ضمن معسكرات تدريب خاصة في الأراضي التي تحتلها قواتها في منطقتي الجزيرة والتنف، فهو بعد دحره على يد الجيش العربي السورية وحلفائه في الميدان، لا ينشط سوى في تلك الأراضي التي تحتلها القوات الأميركية، ويشن هجماته على المدنيين ومواقع الجيش انطلاقاً من تلك الأراضي، حتى السجون التي تشرف عليها ميليشيا “قسد”، هي في الواقع مراكز إيواء لإرهابيي التنظيم وليست سجوناً، تخرجهم منها قوات الاحتلال الأميركي وقت تشاء، وحسب طبيعة المهمة الموكلة لهذا التنظيم في كل مرحلة تقتضيها المصلحة الأميركية.
استكمال تدمير البنى التحتية للدولة السورية، هو أحد أهداف الهجوم الإرهابي، الذي اتخذته الولايات المتحدة ذريعة لتدمير المؤسسات التعليمية والمنشآت الخدمية في الحسكة، وهو يذكرنا بسيناريو تدمير مدينة الرقة وتسويتها بالأرض بحجة ملاحقة ” داعش”، وإجبار الأهالي على مغادرة منازلهم لإفراغ المناطق التي تحتلها “قسد” من سكانها الأصليين، هو هدف أميركي آخر من الهجوم، لمحاولة إحداث تغيير ديموغرافي وجيوسياسي يفرض واقعاً تقسيمياً من جهة، ولإعطاء مساحة أمان أوسع لقوات الاحتلال الأميركي الموجودة في تلك المناطق من جهة ثانية، ولاسيما في ظل اتساع عمليات المقاومة الشعبية ضد وجودها اللاشرعي، و”قسد” تقوم بمهمة التهجير القسري للأهالي، بالتوازي مع قصف طيران الاحتلال الأميركي للمؤسسات التعليمية والخدمية، و”داعش” هو الغطاء لتنفيذ هذا المخطط الإجرامي.
مجريات الحرب الإرهابية، ومراحلها السابقة، تثبت أن بروز ميليشيا “قسد”، ارتبط بشكل أساسي مع ظهور تنظيم “داعش” الإرهابي، وكلاهما صنيعة أميركية وصهيونية يؤديان دورهما الوظيفي في سياق هذه الحرب، واشتراك هذين التنظيمين الإرهابيين بتنفيذ سيناريو أميركي آخر، يثبت مجدداً أن إدارة بايدن ليس في واردها التخلي عن عكاز الإرهاب، وهذا دليل عجز وإفلاس أيضاً.
نبض الحدث – ناصر منذر