الثورة – لجين الخطيب:
ربما السؤال الأهم الآن على وقع التطورات الخطيرة في أوكرانيا وكازاخستان ومحيط روسيا هو: ما مغزى أن تعلن موسكو أن نظام الدفاع الجوي الصاروخي المضاد للطائرات (S-400) والذي يشارك في اختبار قوات الرد لدولة حليفة قامت بنشره في جارتها الأهم بيلاروس، وأن مهام الدفاع الجوي القتالية ستتولى المهمة كجزء من نظام الدفاع الجوي الإقليمي الموحد لبيلاروس وروسيا”.
الإجابة عن هذا السؤال الهام لا تحتاج إلى كثير من العناء لفك ألغازه، فما تفعله أميركا وحلف شمال الأطلسي “الناتو” من محاولة توتير الأجواء في كازاخستان وأوكرانيا وقلب الأنظمة هناك وتعيين أنظمة سياسية موالية للغرب استدعى من روسيا الاستنفار السياسي والدبلوماسي والعسكري للرد على تلك الخطط.
وما تريد روسيا إيصاله من رسائل لواشنطن وأتباعها من العواصم الأوروبية هو أن أساليب الهيمنة تحت حجج نشر الديمقراطية ستؤدي إلى الصراعات العالمية والفوضى الهدامة، وأن مشاريع الهيمنة الأميركية على العالم تحت ذرائع حماية حقوق الإنسان لن تمر، وتدخلات الولايات المتحدة في شؤون العالم تحت هذه العباءة لن تجد لها مكاناً في القاموس السياسي الجديد، ولاسيما أن العالم يتوجه اليوم نحو عصر جديد تنتفي فيه سياسات القطبية الأحادية.
موسكو اليوم ترى أن واشنطن لا تريد رؤية الأمور الدولية إلا بعين واحدة، فهي تريد فرض أنموذجها على البلدان الأخرى، وهي تريد فرض نمطها بالقوة والإكراه والضغط، وأن حكام البيت الأبيض مصرون على سياساتهم الهدامة تلك، والتي أطلقوا عليها يوماً “الفوضى الخلاقة”.
وترى موسكو أيضاً أن واشنطن لا تأخذ بحسبانها التطورات والتغيرات الحاصلة في عالم اليوم، ولا تريد أن ترى أهم ملامحها وصراعاتها الحالية المتجلية بالتنافس الصيني الأميركي، والتباين الأوروبي الأميركي، والصراع الروسي الأميركي، والعولمة والأزمات الاقتصادية العالمية، وظهور الأسلحة الذكية والحروب غير التقليدية كالسيبرانية.
من هنا فإن نشر موسكو لنظام الدفاع الجوي الصاروخي المضاد للطائرات (S-400) في جارتها الأهم بيلاروس، هو رسالة في هذا الاتجاه مفادها لن نسمح للغرب وأميركا على رأسه بقلب الأمور في محيط روسيا والاقتراب من حدودها وفرض سياساتها عليها.
السابق
التالي