الثورة – يونس خلف:
لعل أول ما يستوقف المتابع لما حدث منذ اللحظات الأولى لوقائع الأحداث في أوكرانيا أنها تؤكد من جديد مجموعة حقائق لم ولن تحرقها كل النيران الأميركية في مختلف أنحاء العالم ، وفي مقدمتها الحقيقة التي أشار إليها الرئيس الروسي بوتين وهي حقيقة (إمبراطورية الأكاذيب) داخل الولايات المتحدة، تليها حقيقة أن جميع الدول التي تدور في فلكها تقلد سلوكها، وتقبل بحماس القواعد التي تقترحها، وأن الكتلة الغربية المزعومة التي شكلتها الولايات المتحدة على صورتها ومثالها، كلها (إمبراطورية أكاذيب).
بوتين لم يعد يستطيع تحمل الهمجية الأميركية ونفد صبره بعد أن تأكد له أنه لا جدوى من التحدث إلى المعتدي بلغة الدبلوماسية وإنما يجب مساءلته من موقع القوة ومواجهة الهيمنة والفوقية والموقف المستهتر والازدرائي تجاه المصالح والمطالب المشروعة المطلقة، والأمثلة على ذلك كثيرة أقربها التخطيط المسبق لما سمي بالتحالف الغربي لشن الحرب على سورية، وقبل ذلك غزو العراق دون أي سند قانوني لا بل أكثر من ذلك بذريعة وجود أسلحة دمار شامل ليتضح فيما بعد أن كل ذلك كان خدعة.
والحقيقة الأخرى التي أكد عليها بوتين في خطابه لمواطنيه أن الغرب الإمبريالي المهيمن على العالم لا يحب أي قائد مستقل يدافع عن كرامة وحقوق بلده فهم يريدون دولاً وقادة تابعين لهم وأن الأدوات المتوفرة للسياسات الخارجية الأمريكية لا تعرف سوى الابتزاز والتخويف والتهديد.
لذلك تبدو الأمور مكشوفة وفاضحة عندما يكون الحل المنشود حول قضايا خلافية صعباً لأنها تتعلق بجوهر الصراع على النظام الدولي الذي تريد الولايات المتحدة أن تتربع عليه منفردة منذ مطلع تسعينات القرن الماضي ولاسيما بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، ولذلك لا يحتاج الأمر إلى كثير من الجهد والتفكير أو حتى إلى تقديم مؤشرات ودلائل كثيرة لتأكيد الحقيقة الابرز بين هذه الحقائق وهي ان جميع المشاريع الاستعمارية الأمريكيّة قد فشلت سواء في أفغانستان أو العِراق أو اليمن والفشل الذريع سيكون أيضا في سورية. وخلاصة القول إن أميركا قوة عظمى نعم.. لكن أمام الإرادة الصلبة وعدم الارتهان هي مهزومة وليست فوق التاريخ ولا بد أن تسقط كل الأنوف التي تريد أن تلامس المريخ بينما هي امبراطورية الأكاذيب.