الملحق الثقافي:غسان شمه:
في دمشق تنساب رائحة الياسمين في ذاكرة المكان كما تنساب صور الكثير من المبدعين في ذاكرة الأمكنة القديمة والجديدة ماضياً وحاضراً..
وإذا ما عدنا إلى سنوات بعيدة فأبطال خيال الظل يعرشون على جدران دمشق القديمة بحواريها التي يحنّ كلّ بيت دمشقي على الآخر ويحنو عليه « كما وصف ذات مرة الشاعر نزار قباني الذي حمل أحد الشوارع اسمه تاجاً للإبداع الشعري، ممتداً بروح الإبداع منذ أطلق جدّه الكبير أبو خليل القباني شعلة المسرح وسراجه المنير في ثنايا العقل والروح المتعبة من كثرة ما تنوء به من ثقل، فكان صرخة لم يحتملها البعض فهاجموه وأحرقوا مسرحه ولم يدركوا أنهم أشعلوا نار الإبداع الفني أمام صهيل المستقبل في ذاك الوقت..
ومع الامتداد الجغرافي والتوسع بمساحة القلب من هذه المدينة العريقة يطلّ علينا الحكواتي ممتطياً حكاياته التي لا تنتهي إلا بالتحدي والشغب الجميل بين مستمعيه في مقاه نامت في حضن تراث معماري ما زالت بعض ملامحه تشهد عليه..
وفي الكثير من مقاهي دمشق حكايات لا تنتهي عن مبدعين وحملة أفكار شهدت كاسات القهوة والشاي والنراجيل على حوارات ساخنة، وربما مجنونة، حول قضايا فكرية وفنية ومعارك ثقافية بين عقول كان همها المستقبل بتفاصيله الكثيرة.. وإذا كان لنا أن نذكر فقهوة الحجاز وقهوة الروضة ما زالتا في الذاكرة وكذلك قهوة الهافانا، ومقهى أبو شفيق في الربوة ما زالت طاولة الماغوط فيه تشهد على الكثير من إبداعه ونكاته وروحه المتعبة والصاخبة بالأفكار والآمال..
ويبقى لأبي خليل القباني منزله في منطقة كيوان بدمشق التي يأمل المسرحيون أن يتحول إلى مسرح ومتحف للمسرح السوري تقديراً لهذا المبدع الكبير.
التاريخ: الثلاثاء5-4-2022
رقم العدد :1090