الثــورة:
مكنسة يدوية، فرشاة حمام، علبة سقي، أنبوب PVC ، أسطوانة غاز ، كرسي دراجة.. هل يمكن العزف على هذه الأشياء وينتج عنها موسيقى؟ الإجابة المنطقية هي لا، ولكن الفرنسي كريستوف سيرفاس له رأي آخر، فقد استطاع بمهارة مدهشة وذكاء متقد أن يحول هذه الأدوات المنزلية المهملة وغيرها لأدوات موسيقية يصدر عنها أعذب الألحان وأروعها يدهش بها جمهوره ومتابعيه في مختلف المسارح والساحات، وعبر صفحاته عبر مواقع التواصل الإجتماعي.
حيث اكتشف Fils de flûte وهو اللقب الذي أطلقه الجمهور على الرجل الذي صنع الآلات الموسيقية بأشياء معاد تدويرها، حيث الأشياء والأدوات الخردة يمكن أن تعود إلى الحياة عبر مفهوم المشاركة البيئية لتواجه المجتمع الاستهلاكي المتنامي بكل مساوئه وإرهاصاته.
سيرفاس فنان، و”باحث” فرنسي ، عمله وفنه فريد من نوعه ، فكل ما هو خردة مهجور أو مهمل أو يمكن الإستغناء عنه يعيد له الحياة، ويحوله إلى لحظة موسيقية من التشويق والمتعة. فإشارة مرور قديمة تتحول لجيتار بأوتار منضبطة، عكاز قديم مهجور يتحول إلى مزمار بفتحات موسيقية دقيقة.
فكريستوف والذي يعمل في الاستوديو الخاص به في منطقة بيول في نيس، بفرنسا، لا يرمي أي شئ في صندوق المهملات، وحتى صندوق المهملات حوّله لآلة موسيقية. هو لا يرمي أي شيء بل يقوم بإصلاحه ويعيد له وظيفته الأصلية بإضافة نغمة موسيقية إليه.
سيرفاس ليس موسيقيا فقط هو في الأصل ممثل، ولديه شغف بـ ” تحقيق صوت نبيل بمواد غير نبيلة” وعلى الرغم من أنه لم يدرس الموسيقى بشكل أكاديمي، ولم يتعلم أبدًا قراءة الموسيقى ، إلا أن لديه أذن موسيقية ممتازة يستطيع من خلالها ضبط نغمات وإيقاعات أي آلة ينتجها من المهملات.
أفضل إبداعات”Flûte son” غيتار مصنوع من علبة غاز “كانت ملقاة في المرآب” لجده، كما صنع فلوت بانسوري (آلة هندية) من مكنسة لتنظيف المراحيض، ومجرفة الفرشاة الموسيقية المذهلة. الفرشاة عبارة عن فلوت متناسق والمجرفة عبارة عن كلارينيت، كما يفتخر كثيرا باختراعه آلة ثلاثية عبارة عن ساكسفون وفلوت متناسق وفلوت مستعرض يمكن لثلاثة موسيقيين العزف عليه في نفس الوقت، صنع هذه الآلة الجامعة من حاجز معدني كان ملقى على الطريق.
وعن بداية عمله الفني في إعادة التدوير ، فقد بدأ كل شيء خلال إحدى الأمسيات التي كان يقضيها مع صديق، وفي لحظة مرح قام بوضع بالون على أنبوب لعمل قوس، وانفجر البالون، ونفخ فيه فوجده يصدر صوت قصبة الساكسفون، ومن هذه الملاحظة بدأت مرحلة تجربة كل ما يكتشفه ، بينما يتعلم عن فن صناعة الكمان . يرى كريستوف أنه لا حدود للإبداع ، فهو يشعر أنه في لعبة ويستمتع بالتغلب على القيود التي تفرضها عليه كل أداة من المهملات بخصائصها المادية والتي يطوعها لتتحول لشئ نافع ممتع يطرب الآذان. خلال فترة الإغلاق أثناء فيروس كورونا افتتح قناته على اليوتيوب وجذبت آلاف المعجيين وكان يقدم فيها دروسًا لتعلم كيفية صنع الآلات الموسيقية باستخدام الأشياء اليومية.
تمت دعوه كريستوف من قبل متحف الفن الحديث والمعاصر (MAMAC) في نيس لحضور “Conf’Errance”حيث وجد الجمهور أغراضه غريبة جدا ولم يتوقعوا ما سيقدمه قبل أن يبدأ في العزف على المكنسة الساكسفون…!
وشارك كريستوف فى العديد من البرامج التلفزيونية وهو يقدم أيضًا ورش عمل ، خاصة مع الأطفال للمكتبات الإعلامية أو MAMAC ، حيث يسعى لإرسال رسائل بيئية مهمة مع أداؤه الموسيقي، تلفت للضرر الذي تسببه النفايات المفرطة على البيئة، كما يسعى لمنح الجمهور فلسفته المثيرة للتحول من العدم إلى شيء جميل حيث تكشف أدواته الصديقة للبيئة عن براعة وخيال مذهلين، فحتى أكثر الأشياء المبتذلة يمكن تحويلها لأداة موسيقية مذهلة.