ظهرت آلاف المخالفات العمرانية خلال سنوات الأزمة وأصبحت واقعاً بعد مضي عدد من السنوات عليها، وبما أن الحكومة تبحث عن مصادر دخل فإن تسوية المخالفات والمصالحة عليها بشرط ألا تكون مؤذية للجوار وألا تعرقل الحركة ولا تتطاول على أملاك الآخرين، فهذه المخالفات يُمكن أن تورد مبالغ كبيرة للخزينة دون أن يكون لها انعكاس على معيشة المواطن، بل على العكس فإنها تحل مشكلة الكثير من الناس وتجعلهم في اطمئنان، وإذا كانت الجهات المعنية تريد موارد أكبر فيمكنها أن تذهب إلى كل مناطق المخالفات وتجري عليها التسوية بتمليكها إلى شاغليها مقابل مبالغ معقولة لا تشبه التكليفات الضريبية بمبالغها وأثرها الرجعي، هذا الأمر يُمكن أن يولد آلاف فرص العمل المشروعة لقاطني هذه المناطق، فتمليكها لهم يجعلها ضمانات عقارية للحصول على التمويل وإطلاق مشاريع صغيرة مولدة للدخل، كما يُمكن للجهات المعنية من تحسين واقع الخدمات في هذه المناطق بجزء من الأموال المُحصلة من تلك المناطق.
أن يكون التوجه إلى الجباية فقط فهذا أمر له انعكاسات سلبية كبيرة على حياة الناس وعلى النشاط الاقتصادي والخدمي، واليوم نحصد نتيجة هذا التوجه، فقد توقفت الكثير من المشاريع والورش المولدة للدخل لأنها سقطت بتكليف ضريبي من العيار الثقيل، مع أنه كان بالإمكان جباية مبالغ أكبر من تلك التي تمت جبايتها بطرق حيدت القانون وتجاوزت روحه، ومناطق المخالفات واحدة من أهم المطارح التي يُمكن أن تحقق موارد للخزينة، وتقدم خدمة لقاطني هذه المناطق، وتحسن مستوى الخدمات فيها.
مناطق المخالفات نمت بظل العجز الرسمي عن حل مشكلة السكن، وتفاقمت مشكلتها بسبب غياب الجهات المعنية بموضوع التنظيم وتقديم الخدمات وتركها لسلطة الأقوى والأكثر نفوذاً.
معا على الطريق -معد عيسى