افتتاحية الثورة – بقلم رئيس التحرير – أحمد حمادة:
في ظل صمت دولي مطبق، وعربي مفجع، يضرب كيان الاحتلال الإسرائيلي في قلب باحات المسجد الأقصى المبارك، ويدنس حرمه القدسي الشريف، لأنه اعتاد التصفيق الأميركي لجرائمه وإرهابه، واعتاد الصمت العربي، والتواطؤ الغربي، وعدم المحاسبة من قبل المؤسسات الدولية السياسية والقانونية.
يشجع مستوطنيه على تخريب الأقصى وتدنيسه، وعلى الاعتداء السافر على المصلين، يسهّل لما تسمى “جماعات الهيكل” بناء الخيام في محيطه، وفي باحاته، وفي ساحة “البراق”، التي يسميها زوراً “المبكى”، استعداداً لاحتفالات بنثر رماد ما يسمى “القرابين” في صحن قبة الصخرة، من أجل حجز مكان لهم في الأقصى، والتمهيد لبناء الهيكل المزعوم.
جرائم وإرهاب قل نظيره بحق المدنيين، الذين قدموا الشهداء والجرحى وهم يواجهون المحتلين بصدورهم العارية، وأثبتوا للعالم أن عزيمة المقاومين رغم كل إجراءات الاحتلال وتأهبه واستنفاره أقوى من إرهابه وإرهاب مستوطنيه.
حكومة الاحتلال تتوهم اليوم أنها قادرة، في ظل صمت العالم عن جرائمها، على فعل ما تريد، كما كان الأمر حين شرَّد كيانها الغاصب الشعب الفلسطيني، وصادر أملاكه، وهجَّره من أرضه دون أن يحاسبه أحد، وتتوهم أيضاً أنها قادرة على محو ذاكرة الآخرين والقول إن حائط البراق هو “المبكى”، وأن الأقصى هو “الهيكل” المزعوم، دون أن تدرك أنها مجرد أحلام واهية، فإرادة الفلسطينيين القوية وتشبثهم بحقوقهم وأرضهم نسفت أوهامها، وجعلتها في مهب الريح.
لم يدرك حكام هذا الكيان المارق أن إرهابهم داخل الأقصى، وفي كل الأراضي الفلسطينية، سيكون الشرارة لانطلاق انتفاضة جديدة غير قادرين على تطويق آثارها على اقتصادهم وأمنهم ووجودهم، وستربك حساباتهم، وحسابات أميركا التي تقف خلف مشروعهم، انتفاضة لها الكلمة الفصل، انتفاضة تقول لن نسمح لحملات التهويد بالمرور، لا بالأقصى ولا في سواه من الأحياء والمدن الفلسطينية.
انتفاضة ترسم معادلة ردع تجعل المستوطنين في حيرة من أمرهم، وتجعل الفلسطينيين يهبون بكل مدنهم وقراهم المحتلة بوجه من اغتصب أرضهم وحقوقهم، يسطرون معاني الحرية، ويرسمون حروف الفجر الجديد الذي يطوي كل آثار الإرهاب الصهيوني البغيض.
انتفاضة تهتف بالتمسك بالأرض، وعدم الاعتراف بسياسات الضم والتهويد، وتعم فلسطين برمتها، وتعلن لمن يصمت على جرائم الكيان، ولمن يتواطأ معه، ولمن يقف متفرجاً على إرهابه، أن المقاومين لن يستسلموا للاحتلال ومستوطنيه ومتطرفيه، وأنهم سيضيؤون القناديل في الأقصى، وعند البراق، وفي كل حارة مقدسية وفلسطينية، ويبشرون بغدٍ حرٍّ رغم أنف الاحتلال.