الملحق الثقافي: سلام الفاضل :
تتميز سورية بموقع إستراتيجي مهم جعل منها مسرحاً لأحداث مهمة في التاريخ، وحصناً ذا قيمة إستراتيجية كبرى، وخاصة لمن يسيطر عليه. ونحن حين نتحدث عن تاريخ سورية، فإننا نقارب تاريخاً مملوءاً وزاخراً بالحضارات العديدة التي نشأت وتكوّنت على امتداد الأراضي السورية، منها ممالك ومدن كانت نتاج ذلك التاريخ. فالآراميون الذين حلّوا في سورية منذ بداية الألف الأول قبل الميلاد، شكّلوا ممالك عدة فيها، وبقيت ثقافتهم، بعد انتهاء فترة حكمهم، حاضرة في مدنها ومستمرة، خلال فترة الحكم الهلنستي. أما الحضارة الهلنستية التي جسّدت تلاقي الشرق مع الحضارة الإغريقية، فقد عمقت الصلات بين سورية والعالم الهليني، إلا أن الصراع بين قادة الإسكندر المقدوني بعد وفاته، أدى إلى تمزق إمبراطوريته، ومن ثم تقلصها وانهيارها، حيث باتت المملكة تنتظر مصيرها المحتوم الذي جاء على يد القائد الروماني بومبيوس الذي دخل أنطاكية، وخلع آخر الملوك السلوقيين، مُنهياً بذلك العصر السلوقي، ليبدأ بعده العصر الروماني. في هذا العصر، بدأ الرومان بتنظيم أمور المملكة، والتصدي للأخطار والقوى المعادية، ليعلنوا عام 64 ق.م سورية ولاية رومانية، حيث استمروا في حكمها حتى الفتح الإسلامي عام 636 م، وأسسوا خلال هذه الفترة مملكة الأبيلينه في وادي بردى، بعد أن قاموا بإضعاف مملكة صوبا الأيطورية، وعينوا حُكّّاماًً عليها استمروا في حكمها حتى مجيء الفتح الإسلامي. والكتاب الصادر مؤخراً عن الهيئة العامة السورية للكتاب تحت عنوان (مملكة الأبيلينه في وادي بردى)، تأليف: محمود محمد علقم، يبحث في عصور مرت على سورية، لمجموعة من الآراميين واليونان والرومان حتى مجيء الإسلام، كما يبحث في مملكة أبيلا التي أنشأها الأيطوريون في كالشيس وعنجر، ومن ثم قيام مملكة الأبيلينه التي شكّلها الرومان، وذلك عبر أربعة فصول يتضمنها هذا الكتاب. يتناول الفصل الأول الحديث عن الآراميين، وممالكهم التي أسسوها في سورية، وهي: مملكة بيت أجوشي، ومملكة شمأل، ومملكة بيت عديني، وإمارات تيمانا، ومملكة بيت زماني، ومملكة بيت بخياني، وإمارة بيت خالوبي، وإمارة خيندانو، وإمارة سوخي، ومملكة حماة، ومملكة صوبا، ومملكة دمشق. في حين يتحدث الفصل الثاني عن الأيطوريين، ونشأتهم ومراحل حياتهم، وممالكهم وحكامهم، وألقاب ملوكهم، وملوك مملكة صوبا «كالشيس» الأيطورية، ومن ثم نهاية هذه المملكة. كما يتطرق هذا الفصل كذلك إلى إمارات الأيطوريين بعد دخول الرومان إلى سورية، وإضعافهم، وتقسيم مملكة صوبا إلى ثلاث إمارات، هي: إمارة صوبا، وإمارة عرقا، وإمارة وادي بردى. وفي الفصل الثالث بحث موسع لمملكة الأبيلينه في وادي بردى، والعصور التي مرت بها من عصر الرومان إلى عصر البيزنطينين، فالعصر الإسلامي، وما تبعها من ممالك. ويلقي الفصل الرابع والأخير الضوء على تحالف الديكابولس أو المدن العشر، عارضاً أسباب قيام هذا التحالف، والدوافع التي أدت إلى انتهائه. ومن الجدير الإشارة إليه ختاماً إلى أن هذا الكتاب يحفل بالعديد من الصور التي تمثّل هذه المدن والممالك، والخرائط التي تبيّن مواقع تمركزها جغرافياً.
التاريخ: الثلاثاء19-4-2022
رقم العدد :1092