أحداث الأقصى، وما يرافقها من مواجهات شعبية مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في معظم المدن والبلدات الفلسطينية، وما سبقها من عمليات فدائية بطولية، كل ذلك قد يقود إلى انتفاضة شاملة تضع العدو الصهيوني أمام مشهد أمني يزلزل كيانه، إذ تجد حكومة بينت نفسها في دوامة العجز والإفلاس أمام تشبث الفلسطينيين بحقهم المشروع في مواجهة الاحتلال، ومقاومته بكل السبل المتاحة، حتى تحرير أرضهم، وإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
ما يميز الفعل المقاوم الذي يبديه الفلسطينيون، أنه وحدهم كلهم في جبهة واحدة بعيداً عن حالة الانقسام السياسي، ما يؤكد مجدداً أن الفلسطينيين على مختلف انتماءاتهم السياسية والحزبية يقفون صفاً واحداً ضد سياسات الاحتلال والتهويد والاستيطان، وباتوا أكثر إدراكاً أن العدو الصهيوني لا يفهم سوى لغة القوة، وبأن المقاومة هي الأنجح لاسترداد الحقوق، بعدما أثبتت سلسلة المفاوضات العبثية مع هذا العدو خلال العقود الماضية عقمها وفشلها.
العدو الصهيوني يواصل ارتكاب جرائمه بتشجيع أميركي وغربي، ولكنه في الوقت ذاته بات متيقناً بأن كل محاولاته للقضاء على ثقافة المقاومة المتجذرة لدى الفلسطينيين، سواء بالقتل العمد، أو الترهيب بالاعتقالات، وممارسة أشد أنواع الإرهاب العسكري والنفسي، أو تضييق الخناق أكثر فأكثر بتشديد إجراءاته الأمنية، كلها مصيرها الفشل، وبأنها ستولد أشكالاً أخرى من فعل المقاومة، لأن الشعب الفلسطيني قد وصل بعد مسارات التطبيع المجانية إلى قناعة تامة بأن المقاومة هي السلاح الأمضى لاستعادة الحقوق، وهذه القناعة تستمد قوتها وزخمها اليوم من الإنجازات المتراكمة لمحور المقاومة في المنطقة.
أحداث الأقصى تعكس ارتدادات فشل المشروع الصهيو-أميركي في المنطقة، وما تحمله من دلالات سياسية ستفرض معادلات جديدة تؤكد صوابية خيار محور المقاومة ككل، والذي ما زال يشكل العائق الوحيد أمام تنفيذ مشروع تصفية الوجود الفلسطيني، وإذا كانت حكومة بينت ما زالت تراهن على استغلال حالة الفوضى التي تنوء بثقلها دول المنطقة جراء الحرب الإرهابية على سورية، لتمرير ” صفقة القرن”، وتجريد مدينة القدس، وكل المدن الفلسطينية من هويتها العربية، إلا أن مواصلتها اللعب بالنار توشك على حرق كل مشاريعها الاحتلالية، وتضع أمن كيانها الغاصب على صفيح ساخن، لاسيما وأن الجبهة الداخلية لهذا العدو ينخرها الضعف والارتباك والخوف من أي مواجهة عسكرية قد تفرضها حماقات بينت وأركان حكومته.
نبض الحدث – ناصر منذر