الثورة – رنا بدري سلوم:
قد لا تستغرق كلمة “ماما” وقتاً لطفلٍ في بداية نطقه، فالفطرة أقوى من كل اللغات، إلا أنها عند بعض الأطفال قد تحتاج لسنواتٍ طوال من الجهد والتدريب وخاصة عند حالات التوحّد وصعوبات التعلّم، لم أدرك كم تكلّف هذه الكلمة، وكم تكون قيمتها مضاعفة عند أمهاتٍ أنحني أمام صبرهن وقوتهن وإرادتهن في أن يعلّمن أطفالهن التفاعل والنطق مع إكسير حياة ومحبّة فقط، قصص إرادة وتحدٍ لأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، عرضتها الاختصاصية النفسيّة عطيّة فرزان ماجستير إدارة تربوية، وعلاج صعوبات تعلّم في فيديو مصوّر ليومياتهم ضمن “نشاط تفاعلي تعريفي بذوي الاحتياجات الخاصة” الذي أقامته مديرية ثقافة ريف دمشق بالتعاون مع المسرح المدرسي، في صالة النافذة الثقافية في أشرفية صحنايا يوم أمس بمناسبة يوم التوحّد.
مسرحية ” بس افهمونا” في الفعالية لم تكن إلا “بلسان” ذوي الاحتياجات الخاصة، قدّمها أطفال أصحّاء” لواء، عز الدين، لما وغيرهم، قد أتقنوا أدوارهم التمثيلية عن ذوي الهمم، منهم من لعب دور كفيف وآخر دور أبكم وذوي إعاقة حركية، حتى فكرة النص المسرحي لم تكن بعيدة عن منطلق إنساني وتوجيهي وتربوي هي “فكرة بدأت من جهودٍ ذاتيّة لأم لديها حالتا توحّد، هي إرادة الأمّ والمعلمة سوسن ورور مدربة مسرح في دائرة المسرح المدرسي تربية ريف دمشق، التي صرّحت “للثورة” أن المحتوى المقدّم في المسرحيّة هو أن نطلق صرخة من حناجر هؤلاء الأطفال في “الشهر الأزرق ويوم التوحد” ليتقبّل المجتمع حالاتهم الخاصة من حالات توحّد وإعاقات حركية، واندماجهم وتفاعلهم مع مجتمعهم حتى لو بضحكة وبنظرة تقبّل ورضا، ومن المهم أيضاً ظهورهم في الإعلام دون استغلال لحالتهم الخاصة، ولا إثارة شعور الشفقة أمامهم، بل الإضاءة على إنجازاتهم الإبداعيّة والفكريّة والفنيّة تشجيعاً لهم ولذويهم”.
ومن هذا المنطلق شارك “ساري مكارم” الشاب الذي يمضي ساعات وساعات أمام ألوانه وريشته، بلوحة بورتريه عن الفنان “بسام كوسا”، والذي أوضح مكارم “للثورة” أنه اختار المشاركة في الفعالية التفاعلية ليؤكد أن دوران عجلتاه الحديدية لم ولن تعوق حركة الإبداع التي تسير وتتدفق في خلاياه وفكره، وعن اختياره للنجم كوسا، أشار إلى أنه أتقن لعب أدوار ذوي الاحتياجات “كفيف ، وتوحد” وقد أثّر في الجمهور وأوصل رسالة للمجتمع بلسان كل عاجزٍ عن التعبير من ذوي الهمم.
أبطال هذه الفعالية الذي بلغ عددهم أحد عشر طفلاً من ذوي الهمم “حالات توحد وإعاقات حركية وصعوبات تعلم” شاركوا في يومهم برقصة تدريبية بإشراف الاختصاصية عطية فرزان التي وكما كتبت على بطاقة الدعوة أنها ستجتهد بكل ما أوتيت من جهد، فليس من السهولة تعليمهم والتعامل معهم وتدريبهم، فكيف الأهل الذين يمضون ساعات طوال لتعليمهم والتفاعل معهم وهو ما نوهت به رئيسة النافذة الثقافية لمى سلامة في كلمتها الترحيبية بأننا نرفع القبّعة لكل أمّ وأب ضحّيا وثابرا ليزرعا الابتسامة في روح طفلهما، يتحديان فيها مرضه وعجزه ويظهران للعلن ليقولا: إن المرحلة الأولى لتطوره وعلاجه هو تقبّل المجتمع لاختلافه.
” أنا لست مريضاً أنا مختلف” شعارٌ حملته أم فرحان، حسن، كريم، في ضمائرهن أولاً، ورددّنه في كلمتهن أمام المجتمع الأهلي بكل أطيافه الذي حضر لتقديم دعمه حتى لم يتسع المكان ” كوارد تعليميّة وتوجيهيّة وتربويّة، جمعيّة سبت الأمل، بصمة شباب سوريّة، جمعيات خيريّة، والفرق الحزبية والأهالي والأطفال الذين صفقوا وغنّوا وتفاعلوا مع العروض المقدّمة يتقبّلون فيها أطفالاً مختلفين أطلقوا رسالتهم على طريقتهم الخاصة.