على قائمة الملفات الاقتصادية والمعيشية العديدة التي طرحت عشرات المرات على طاولة الحكومة كان الخيار الأسهل المعتمد من قبل أصحاب القرار يميل لجانب الدراسة والتمحيص والبحث وفي جهة النتائج والمعالجة والحلول لا يحتاج المرء للعناء لمعرفة أن غلة سلتهم كانت شبه فارغة، ولعل الواقع الصعب والمتراجع لحياة الناس ومراوحة قطاعات تتبع لتلك الملفات في مكانها منذ سنوات خير شاهد.
وما ساهم بشكل كبير في تفاقم معيقات وتبعات ضعف وبطء معالجة مواضيع وقضايا حياتية واقتصادية ضياع بوصلة الأولويات وتشتيت الجهود وعدم تكامل خطوات العمل والحلول بين الوزارات وتقاذف المسؤوليات وحتى ترحيل الملفات من مرحلة لأخرى دون أي تقدير لعامل الزمن وما تفرضه المرحلة من تحديات كبيرة تفرض التعامل مع كل الملفات بمسؤولية عالية وإدارة رشيدة وذكية لما هو متاح من موارد وامكانيات قليلة افتقدها الكثيرون.
وهنا أيضاً تطول قائمة الأمثلة على كل ما تقدم، وكنموذج ساطع يبرز قطاع المشاريع الصغيرة والمتناهية الذي كان الكلام عن أهميته ودوره في هذه الظروف باعتباره الحامل الاقتصادي والاجتماعي والتنموي لأي اقتصاد خاصة بالنسبة للحالة السورية حالياً ولرفد الأسواق بمنتجاته العديدة الزراعية والصناعية والحرفية وغيرها أكبر بكثير من حصاده المتواضع، ناهيك عن كم الصعوبات والعراقيل التي واجهت تلك المشاريع وفي مقدمها التمويل اللازم وعدم المتابعة من قبل الوزارات و الهيئات والجهات المعنية بهذا القطاع لأصحاب المشاريع واستمرارية عملهم ومعالجة أي عائق يواجهونها بسرعة والأهم الدور شبه الغائب والمتواضع لهيئة تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة وزد على ذلك صعوبات فرضها الوضع الراهن كتأمين التجهيزات والمعدات.
قبل أيام تناقلت وسائل إعلام محلية تجربة نموذجية وناجحة لشاب في ريف صافيتا بمحافظة طرطوس قام بتأسيس مشروع متناهي الصغر منذ 5 سنوات عبارة عن مزرعة للفطر الأبيض بدأ بغرفة واحدة وإنتاجية قليلة واليوم أصبحت الغرفة ثماني غرف والإنتاج يصل لـ 150 كغ ببالزرعة الواحدة (الفوج) والأهم تحقيق الهدف الأهم لمثل هذه المشاريع وهو تأمين فرص عمل لنحو 13 شاباً وشابة من أبناء قرية الشاب.
مثال يوجد على أرض الواقع وفي مختلف المحافظات السورية مثيل له وكلها تؤكد أولاً على تواضع الخطوات المتخذة وغياب البرامج والخطط التنفيذية الحقيقية بهذا القطاع، وثانياً أن الدعم والاحتضان والمتابعة للمشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر فعلاً لا قولاً هو الخيار الذي يفترض اعتماده من قبل الجهات التنفيذية لدوره الكبير في الحد من الفقر والبطالة.