سفر الختام .. الإصحاح السادس موازين النقود و الحياة ..

 

 

تحكي خالتي ” عزيزة ” رحمها الله .. أنها في صباها اشترى لها أهلها شقفة فستان سمت قماشه ” شيت ” … و قالت إنها بحياتها لم تلبث أجمل منه .. و كلفها ستة فرنكات .. أي ثلاثين قرشاً سورياً !! و للذي نسي تفاصيل الليرة السورية فهذا يعني أن ليرة واحدة تشتري ثلاثة فساتين و يزيد منها عشرة قروش ، صالحة لشراء نصف كيلو من التمر اشتريته اليوم من جبلة الكيلو ب 12000 ليرة سورية .. لم أعد أتذكر أكانت خالتي تقصد بذلك ثمن الشقفة كلها أم ثمن الذراع ..

بقيت اتذكر القصة حتى اليوم لأنها حفرت في ذهني من شدة رخص هذا الفستان .. و كان حديث الغلاء على كل لسان ..

بيت جدي ، أعني عائلة خالتي و طبعاً عائلة أمي كانوا أسرة شديدة الفقر. تروي ستي ” أمون “رحمها الله أنها في حيز من زمانها ، خلصت نخالة حنطة أو شعير من التراب لتطعم فيه أمي و خالتي الصغيرتين على حضنها .. لذلك .. أن تشتري خالتي فستاناً من شيت فهو انتقال في سلم الحياة .. لكن ذلك لم يعنِ الانتصار عليها .. إنما تطور مستوى المعيشة رغم اقترانه بالفقر و العجز عن مواجهة متطلبات الحياة ..

اليوم و أنا أكتب هذه السطور .. لا ترضى مشاعر وقع الغلاء و صعوبة مواجهة ظروف الحياة أن تفارقني للحظة واحدة .. وعندما أتذكر بعضاً من ظروف حياتنا الماضية أشعر ، أنني عاجز عن أن أحضر لأسرتي ما كان يمكن أن يحضره أبي .. بل يقع العقل ضحية الاستغراب .. يعني مثلاً كان أبي و نحن صغار يستطيع أن يذبح خروفاً بمناسبة ما و أكثر من مرة في السنة .. خمسون ليرة كانت تشتري خروفاً ممتازاً .. اليوم هذا شيء غير ممكن و مرفوض و نظرة فيها هدر .. لكننا … بعموم شؤون الحياة ، نحن نعيش أفضل من حياتنا الماضية رغم شدة الغلاء و و توحشه .. !!!

إضافة لذلك و في المسار ذاته يواجه أولادي ” الابن و الابنة و الحفيد ” شؤون الحياة بمستوى أفضل و بما لا يقاس من مواجهتي أنا لها في طفولتي و يفاعتي و حتى شبابي ؟؟!!.

الخوف يملأ تفاصيل حياتنا .. وهو خوف مختلف عن الماضي كثيراً .. كنا نخاف من الوحوش .. و الأفاعي .. و المتنفذين و اللصوص .. اليوم كل هذا موجود و يخيفنا حتى القهر و الغضب و الإنصات لنصائح الحكماء.

الفقر و من خلفه الجوع .. أكثر ما يخيف .. لكن .. بشكل ما لا أعرف مدى و حقيقة خطورته ولا أجيد شرحه ..

ما زلنا نحيا .. بل نحلم ..

As.abboud@gmail.com

 

آخر الأخبار
استراتيجية "قسد" في تفكيك المجتمعات المحلية ونسف الهوية الوطنية ملتقى التوظيف جسر نحو بناء مستقبل مهني لطالبي العمل خبير بالقانون الدولي: السلطة التشريعية الرافعة الأساس لنهوض الوطن وتعافيه السياحة تستقطب الاستثمارات المحققة للعوائد والمعززة للنمو الاقتصادي عبد المنعم حلبي: استعادة الثقة أهم أولويات البرلمان الجديد قروض حسنة بلا فوائد.. كيف نضمن وصول الدعم للمنتجين؟ مراكز دعم وتوجيه في جامعة حمص لاستقبال المتقدمين للمفاضلة تأهيل بنى تحتية وتطوير خدمات تجارية في "الشيخ نجار الصناعية" "مدينتي".. جامعة حلب تسهّل عملية حجز غرفة في السكن الجامعي "المخترع الصغير".. حيث يولد الإبداع وتصنع العقول مجلس الشعب مسؤولية وطنية لبناء دولة القانون تأهيل جسر "عين البوجمعة" بريف دير الزور سوريا تطلق مشروع تنظيم المهن المالية وفق المعاييرالدولية التأمين الهندسي.. درع الأمان لمشاريع الإعمار والتنمية اختتام زيارة لـ"الجزيرة نت" و"نادي الإعلاميين" إلى صحيفة "الثورة" ما بين السطور في مهب الرايخ واشنطن تقلّص وجودها في العراق وتعيد توجيه بوصلتها نحو سوريا رحلة الاقتصاد الجديد بدأت..ماذا عن الأبواب الاستثمارية المفتوحة؟ إدارات القطاع الصناعي تجهل ضبط مسارها بما يتناغم مع الحكومة «سيبوس 2025».. منصة لانطلاقة سورية نحو الاقتصاد العالمي