ولاء عزام الصعود المُتأني

 

الثورة – فؤاد مسعد:
لفتت الأنظار إليها منذ أعوام عدة (2014) عندما قدمت شخصية (جروشا) في مسرحية (دائرة الطباشير) المأخوذة عن نص لبرتولت بريخت وإخراج المبدع أيمن زيدان، مقدمة من خلالها أداء معجون بالإحساس ما يُنبئ بنجمة قادمة على الساحة تصعد السلم درجة وراء أخرى بتأنٍ وهي عارفة ما تريده بدقة، ومن تلك التجربة سعت إلى حفر مكانة لها عبر ما يعرض عليها من أدوار، كانت السمة فيما بينها القدرة على تحقيق حالة من التنوع شملت ألوان مختلفة من الشخصيات بما فيها الكوميدية، وتتالى ظهورها في أعمال على الشاشة الصغيرة، وصولاً إلى مسلسل (الهيبة) إخراج سامر برقاوي في أجزائه الثلاثة الأخيرة لتكرّس من خلال شخصية مروة حضوراً وانتشاراً عربياً، وعلى الرغم من محدودية دورها فيه إلا أنه لم يمر بشكل عادي وإنما ترك بصمة خاصة ولمسة لها ما يميزها، وفي كل مرة كان السعي حثيث لإبراز ما تمتلك من طاقات وقدرة على الإقناع في مختلف الحالات، منتظرة الدور الذي يعزز هذه المكانة ويحقق نقلة نحو أفق أوسع.
إنها الفنانة ولاء عزام التي فاجأت الجمهور خلال شهر رمضان المبارك بأدائها شخصية تحمل خصوصيتها على صعيدي المضمون والأداء، إنها يارا في مسلسل (كسر عظم) إخراج رشا شربتجي وتأليف علي معين صالح ، لتؤكد من خلالها مرة أخرى سعيها وراء الدور الذي يبقى ويحفر صداه في قلوب المشاهدين وعقولهم، فرغم أن الدور لم يتمتع بمساحة كبيرة ولكنه تمتع بحضور كبير ومؤثر في مجرى الأحداث احتاج إلى فنانة تمتلك المقدرة الحقيقية لتجسيده بجدية ومصداقية لتُقنع به المتلقي وتستطيع كسب تعاطفه، وأكثر ما برزت تلك المقدرة عبر الحلقتين الأولى والسادسة ثم الحلقة (28)، في الأولى كانت اللبؤة عبر محاولتها انقاذ أمها، وفي السادسة برزت نظرة الحيرة واليأس في عينيها حين لفظتها الحارة وطردها والدها فكادت أن تشعل بنفسها النار وجاءت فيما بعد محاولة انتحارها، لنراها في الحلقة (28) تدافع عن نفسها بشراسة تدمي فيها المُهاجم، هي فتاة مغلوبة على أمرها وتحاول مقارعة الحياة بأظافرها، ورغم الضغوط كلها وصدمتها بأقرب الناس إليها لم تستسلم ولم ترضخ للوقوع في فخ السقوط الآثم.
منذ الحلقة الأولى بدا واضحاً طريقة اشتغالها على الشخصية بعمق ودراية، محافظة في كثير من الأماكن على رسم علامات الدهشة على محياها، هي دهشة يارا من كل الخذلان والألم الذي عانته ممن حولها ومن الأحداث التي قلبت حياتها رأساً على عقب، غاصت في معالم الدور إلى مكامن استطاعت من خلالها نبش مكنوناته باحثة عن تفاصيله ومفرداته لتقديمها بنفس مختلف، مدركة المساحة التي ينبغي أن تلعب ضمنها واضعة الشخصية في إطارها المناسب وسط الكثير من الأحداث والتحولات التي مرت بها، إلى جانب القدرة على تجسيد التضاد في الوقت ذاته “الانكسار والتحدي”، كما شكّلت عيناها نافذة لروح الشخصية فمن خلالهما كان بإمكانها أن تعكس عمق إحساسها وكل ما تريد قوله وما يعتلج في داخلها من مشاعر، كانت نظرتها من أبرز أدواتها التعبيرية حيث تمازجت فيها نظرة القهر والخذلان التي تختبئ داخلها مع نظرة التحدي والقوة المُبطّنة ونظرة الحيرة والسخرية أحياناً مما يجري حولها.
ضمن هذا الإطار لابد من الإشارة إلى الدور الأساسي للمخرجة رشا شربتجي في إدارة الممثل وقدرتها على تحفيز ما بداخله لإظهاره بالشكل المختلف والأكثر واقعية وقرباً من الجمهور، الأمر الذي يمكن تلمسه بوضوح من خلال شخصية يارا في المسلسل.

آخر الأخبار
توزيع ألبسة شتوية على مهجري السويداء في جمرين وغصم بدرعا   زيارة مفاجئة واعتذار وزير الصحة..  هل يعيدان رسم مستقبل القطاع؟   5 آلاف سلة غذائية وزّعها "الهلال  الأحمر" في القنيطرة آليات لتسهيل حركة السياحة بين الأردن وسوريا دمج الضباط المنشقين.. كيف تترجم الحكومة خطاب المصالحة إلى سياسات فعلية؟  قمة المناخ بين رمزية الفرات والأمازون.. ريف دمشق من تطوير البنية الصحية إلى تأهيل المدارس   زيارة الرئيس الشرع إلى واشنطن.. تفتح آفاقاً جديدة للتعاون الاقتصادي     تحسن ملحوظ في سوق قطع غيار السيارات بعد التحرير  "إكثار البذار " : تأمين بذار قمح عالي الجودة استعداداً للموسم الزراعي  دمشق تعلن انطلاق "العصر السوري الجديد"   من رماد الحرب إلى الأمل الأخضر.. سوريا تعود إلى العالم من بوابة المناخ   الطفل العنيد.. كيف نواجه تحدياته ونخففها؟   الجمال.. من الذوق الطبيعي إلى الهوس الاصطناعي   "الطباخ الصغير" .. لتعزيز جودة الوقت مع الأطفال   المغتربون السوريون يسجلون نجاحات في ألمانيا   تامر غزال.. أول سوري يترشح لبرلمان آوغسبورغ لاند محاور لإصلاح التعليم الطبي السوري محافظ حلب يبحث مع وفد ألماني دعم مشاريع التعافي المبكر والتنمية ابن مدينة حلب مرشحاً عن حزب الخضر الألماني خاص لـ "الثورة": السوري تامر غزال يكتب التاريخ في بافاريا.. "أنا الحلبي وابنكم في المغترب"