الثورة – رشا سلوم:
دون شك لا تدل مظاهر السمنة وغيرها من علامات البطر والرفاهية في الكثير من دول العالم على العالم بخير وسلامة وأمن، وأنه يعيش أفضل مراحله الحضارية والاجتماعية…
بل على رأي جدنا الشاعر الكبير المتنبي لا تحسب اللحم فيمن شحمه ورم..
تورم العالم وظهرت استطالات ظنها الكثيرون لحما لكنها الآن انفقأت وبان ما تحتها من أورام خبيثة ستقود العالم إلى حتفه إن لم يحسن الحكماء العلاج..
فما المرض وما الداء والدواء..؟
من حسن حظنا أن علماء ومفكرين كثيرين لم يخدعهم هذا الورم بل جسوه وعرفوا انه المرض فعملوا على معرفة أسبابه وعلاجه..
كتاب: مرض العالم الأساطير الحديثة تهدد العالم.. تأليف: روديغر دالكه.. ترجمه إلى العربية الياس حاجوج، وصدر عن دار علاء الدين بدمشق…
من الكتب الفريدة والمهمة التي تصدت لهذا المرض وشرحته في مختبر الفكر وخرجت بوصفة علاجية أقل ما يقال فيها أنها قادرة على فرملة الطفح الذي يزداد كل يوم.
– حيتان المال..
يرى المؤلف كما الكثيرين من المفكرين أنه قد ولى زمن الحكومات القوية وتنتقل بذلك السيادة على حد تعبير تشارلز دربر من الحكومات إلى الشركات وهذه لها مصلحة واحدة فقط هي زيادة أرباحها إلى الحد الأقصى في أقصر وقت ممكن وقد كتب ميلتون فريدمان حامل نوبل في الاقتصاد عام ١٩٧٠ م أن المسؤولية الاجتماعية الواحدة والوحيدة للاقتصاد تتمثل في تضخيم أرباحه.
وحسب فريدمان فإن الشركات لا يهمها فقير أبداً بل تعمل بقسوة على تكديس الأرباح من التجارة أي تجارة يتساوى بذلك السلاح والدواء.. ويرى أنه إذا أردنا تفادي المعاناة البشرية والبلاء السياسي لابد لنا من إعادة ردم الهوة بين الفقير والغني والتي تتسع بسرعة وإلا سوف ينشأ على تربة الاستقطاب تطرف اجتماعي وسياسي..
ولقد أظهرت عقود عديدة من أن المعالجة الترقيعية حسنة النية للهوة بين الفقير والغني لا تقود إلى أي تغيير في الاتجاه العام…
لقد حان الوقت لتغيير الاتجاه العام وهو لايمكن أن يأتي في ظل هذه الأحوال إلا من الداخل… يجب أن يتغير شيء ما حتى كرمى للشركات إذ لايمكن للمرء مع الوقت أن ينفذ أعمالاً، ويعقد صفقات رابحة في مجتمع هو في حالة حرب.
ونجاح أي شركة هو في استقرار المجتمع الذي يأويها.
ويخلص إلى القول في هذا الداء: ولكن ما دامت بورصات العالم تقرر مساره فسوف تواصل نشر منطق رأس المال وتعميق الهوة بين الفقير والغني.
ما دمنا في العالم الأول لا نسعى سوى إلى الكم وننسى النوع في سائر مجالات الحياة الممكنة فلا أمل بنظام عالمي أفضل.
– الدواء..
اما الدواء.. العالم لن يعود كما كان من قبل هذا صحيح ما دمنا لم نجر أي مصالحة أساسية سوف يستمر شعورنا بالخوف إذا لم نعط المغلوبين على أمرهم ومسلوبي الحقوق في هذا العالم أي أمل.
وإن كنا حريصين على هذا العالم لابد لنا من إنجاز فعل تصالحي فالحل يكمن في الوسط بإيجاد حل بين محدثي النعمة ووصولي وول ستريت.

السابق